بين التفكير و التكفير...

سبت, 17/07/2021 - 17:47

الراصد: أصدر طلاب شعبة الفقه وأصوله بالمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية، بيانا يستنكرون فيه ما وصفوه بـ : "المظاهر الغريبة على المجتمع وتقاليده والتي لا تتماشى وتعاليم الشريعة المطهرة ويأتي في طليعتها المجون والإختلاط المحرم والرقص على نغمات الموسيقي دون حياءٍ أوتأنيب للضمير"
و أعلنوا في بيانهم " تبرأهم من هذه الأفعال التي لا تمثل المؤسسة ولا طلابها وإنما تمثل أصحابها والقائمين بها فقط" على حد قولهم \ إنتهى الإقتباس

ماذا يُفهم من هذا البيان ؟
إذا أخذنا بحسن الظن، فإن المبدأ في حرمة ما حرم الله لا ينبغي ان يكون محل خلاف. و كذلك إخلاص المسلم لدينه و عدم الإنتقاء لحاجة في نفس يعقوب، فالمناكر، ليست مربوطة بزمان أو مكان أو أشخاص أو نوايا أو أحزاب سياسة، فالأصل أن الحق حق و الباطل باطل.
فإذا كان الإعتراض على حفل موسيقي في مؤسسة أفراح لتخرج طلاب المعهد، حرام ، فمن العيب أن يسكت المستنكرون عن ما سكت عنه شيوخهم في السياسة في مناسبات أخرى مشابهة. 
أما إذا وضعنا البيان في سياقه، فهو توظيف سيء لغايات مادية بمسحة دينية، و لا أستبعد أن يكون وراء الوكيل أصيل له غايات أبعد من مجرد استغلال المشاعر الدينية لفرض تصور يخدم أجندات خارجية.
بل إن إحياء دعوات الإقصاء اليوم بحجة "الكفر" أو "التكفير" التي أثبتت فشلها في الماضي، لن تكون إلا نذيرا برغبة البعض لإرجاعنا إلى عهود احتكار الحق باسم الدين، رغم أن الدين برئ من "التكفير" و برئ من الجهل الذي لا يفرق بين الفن و التخلف.
إن معاداة الفن باسم الدين، لا تقل في نظري عن تنزيل بعض الأحكام التي ثبت اليوم، باعتراف إجماع العلماء أنها باطلة ، كما  هو الحال في مسألة العبودية. 
 كثير من الناس لا يفرق بين الخلاف في الفكر و الخلاف في الدين، فالدين الخلاف فيه محسوم بالكتاب و السنة، أما الخلاف في الفكر فهو يخضع لعوامل كثيرة منها الإنسان و بيئته و مستوى وعيه و مدى قدرته على اكتساب معارف جديدة أو تطوير جماليات أحاسيسه بالكون.
الفن هو غذاء الروح، هو جمال محسوس أو غير محسوس، ليس هناك فن متدين او فن غير متدين، لكن هناك إنسان متدين أو إنسان غير متدين.