
الراصد: منذ ميلاد المؤسسة البرلمانية في موريتانيا، لم تكن قبة البرلمان مجرد قاعة للتشريع، بل فضاءً سياسياً يعكس حيوية الساحة الوطنية وصراعاتها. وعلى امتداد عقود، برز نواب أصبحوا أيقونات في تاريخ العمل البرلماني، بفضل قوة مداخلاتهم وصلابة مواقفهم.
معارضون تاريخيون
يُعتبر النائب الراحل محمد المصطفى ولد بدر الدين أبرز رموز المعارضة البرلمانية في تاريخ البلاد، بخطابه النقدي القوي وصلابته السياسية التي جعلت منه مرجعاً لكل من عايش تجربته.
إلى جانبه، عُرف النائب محمد محمود ولد أمات بصلابته الفكرية والسياسية، فيما اشتهر يعقوب ولد أمين بخطابه الجريء وتحويل القاعة إلى ساحة سجال سياسي متواصل.
حضور نسوي مؤثر
لعبت النساء دوراً لافتاً في إثراء النقاش تحت القبة. فقد عُرفت النائب كادياتا مالك جالو بدفاعها عن قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، فيما برزت النانة منت الشيخ محمد لغظف كصوت نسائي قوي و مؤثر في المسار الديمقراطي.
كما تميزت المعلومة منت بلال بمداخلات قوية وحادة، في حين ركزت زميلاتها مريم منت بلال على الدفاع عن خط حزبها تكتل القوى الديمقراطية وخاصة في القضايا الاجتماعية. وفي السياق ذاته، برزت زينب التقي بخطابها المباشر، بينما اشتهرت منى منت الدي بمداخلاتها القوية ضد الفساد وممارسات الأنظمة العسكرية.
أصوات قانونية وفكرية
برع النائب والمحامي العيد محمدن امبارك في مقاربة الملفات من زاوية قانونية، وظل مدافعاً صلباً عن المواقف المعارضة، شأنه في ذلك شأن مريم بلال. كما عُرف النائب يحيى ولد اللود بكونه ممثل دائرة أمريكا، حيث أضاف بعداً جديداً إلى النقاش البرلماني مرتبطاً بقضايا الجاليات.
الإسلاميون واليساريون
سجلت الحركة الإسلامية حضوراً قوياً داخل البرلمان من خلال أسماء بارزة. فقد كان كل من النائب محمد غلام ولد الحاج الشيخ والسالك سيد محمود صوتاً رمزياً للحركة الإسلامية، بخطابهما السياسي اللافت، فيما عُرف جميل منصور كأحد أبرز الزعامات الإسلامية المؤثرة داخل البرلمان وخارجه.
وفي السياق ذاته، برز النائب زعيم المعارضة الحالي أمادي ولد سيد المختار كعالم من علماء البلد، وكممثل للحركة الإسلامية داخل البرلمان، متميزاً بالجمع بين المرجعية الشرعية والطرح السياسي.
أصوات إيرا: الدفاع عن حقوق الإنسان
في السنوات الأخيرة، برز نواب حركة إيرا الحقوقية كأصوات قوية داخل قبة البرلمان، وفي مقدمتهم النائب بيرام الداه اعبيد الذي عُرف بخطابه الحقوقي الحاد ومواقفه المناهضة للرق والتمييز. كما برزت النائب مريم منت الشيخ بخطابها المدافع عن العدالة الاجتماعية وحقوق الفئات المهمشة، إلى جانب النائب قامو عاشو الذي رسخ صورة نائب ملتزم بالدفاع عن قضايا الإنسان وحقوق المستضعفين.
من جهة أخرى، عُرف نواب التحالف الشعبي التقدمي بقيادة مسعود ولد بلخير، بجرأتهم في الدفاع عن حقوق الطبقات المسحوقة. فقد برزت النائب المعلومة منت بلال بمداخلاتها الحادة في هذا الإطار، كما اشتهر النائب اسغير العتيق بخطابه القوي الموجه إلى السلطة والمعبر عن هموم الشرائح الضعيفة.
جيل جديد من الأصوات
في السنوات الأخيرة، فرض نواب شباب حضورهم اللافت. فقد برز النائب محمد بوي ولد محمد فاضل بمداخلاته المثيرة للجدل وسرعة انتشارها خارج القاعة، ومحمد لمين ولد سيد مولود بخطابه وتحليلاته العميقة. كما تميز النائب محمد ولد يحي بدفاعه القوي عن قضية فلسطين، وانتقاده لزملائه النواب على تقصيرهم في أداء واجبهم التشريعي والرقابي.
وفي السياق نفسه، برز النائب مرتضى محمد اطفيل بكشفه لقضايا الفساد، ما جعله يحظى باحترام واسع داخل قاعة البرلمان وخارجها. وإلى جانبه، برزت أسماء شبابية أخرى مثل يحيى أبكر وأسلوك أبهاه التي حملت خطاباً صدامياً جريئاً في مواجهة القضايا الوطنية.
إرث برلماني
هكذا، وعلى مدى أربعة عقود، رسخت هذه الأسماء وأخرى غيرها تقليداً سياسياً برلمانياً ظل يؤطر النقاش العمومي في موريتانيا. ويرى المراقبون أن قوة البرلمان الموريتاني لم تكمن فقط في النصوص والقوانين، بل في المداخلات والأصوات التي صنعت الجدل وصاغت الوعي السياسي الوطني.
المنصة
