
الراصد : في زمنٍ يختلط فيه الجدل بالصخب، يعود اسم المحامي المرموق العميد اشدو إلى الواجهة، هذه المرة إثر شكوى قُدّمت ضده من طرف الكوميدي بيبات. لكن من يعرف اشدو، يدرك أن اسمه لم يكن يوما غريبا على الساحات الساخنة، ولا على معارك الكلمة ودهاليز القضاء.
ليس اشدو مجرد محام، بل إنه أديب وسياسي محنّك. قال ذات مرة: “السياسة جنت من الأدب حين شغلت المرحوم المصطفى ولد بدر عن الشعر”. وأنا أرى أن المحاماة جنت من السياسة حين شغلت اشدو عنها، فهو سياسي بارع، وتُميز معظم ملفاته القانونية التي يكون طرفا فيها أمام القضاء تلك اللمسة السياسية الذكية التي يضيفها إلى حججه، فتمنحها بعدا أعمق، وتكسبها تأثيرا أكبر.
هو رجل دخل السجون في مدن شتى، قبل أن يُولد معظم من يملؤون هذا الفضاء ضجيجًا اليوم. رجل بحكمة السنين، وألم التجربة. يملك أسلوبًا فريدا في النقد، لا يصرخ ولا ينفعل، بل يفضل أحيانا أن لا يتحدث، وفي هذه الحالة يكون اللا حديث أبلغ. وحين يقول: “لن أتحدث عن كذا، ولن أتحدث عن كذا”، تجده قد تحدث عن كل شيء، وأضاء الزوايا المعتمة دون أن يزاحم الضوء.
متابعة اشدو قضائيا في هذا الظرف هي أقصى ما يتمناه محامٍ أفنى عمره في خدمة مهنته، وفي الدفاع بحماس وعناية بالغة عن موكليه دون تمييز. وفاؤه لمهنته، واستعداده الدائم للتطوّع في المحاكمات، وخاصة تلك التي طالت الحقوقيين والمعارضين، هو التزام لا يُشترى ولا يُقلَّد.
حفظ الله العميد اشدو، ومد في عمره، ومتعه بالصحة والعافية. فقد كان وما يزال منارة في دروب العدالة، وصوتًا لا يُخطئه السامعون حين يتحدث… وحتى حين يختار ألا يتحدث.
——-
في المرفق قرار وضعه تحت الإقامة الجبرية سنة 1998 مع احمد ولد داداه وقادة المعارضةً