
الراصد : قيل إنه كان لقدماء الإغريق فيلسوفان؛ فيلسوف ضاحك، وفيلسوف باك، فالضاحك ينظر إلى تصرفات الناس ويسخر منها، والباكي ينظر اليها ويتألم ويبكي.
وبشكل أو بآخر أمام ما يضحك ويبكي في آن واحد.. فقد فرحت كثيرا عندما علمت بأن الحكومة الموريتانية أقرت مؤخرا إجراءات مشددة جديدة ضمن قانون السير، لكوني حسبت أن هذه الإجراءات تتعلق بمقال نشره موقع الأخبار بتاريخ: 31 سبتمبر 2023 بعنوان: قانون فريد يهزم تسعة رؤساء فهل ينجح الرئيس العاشر في تغييره؟ https://alakhbar.info/?q=node/51738 حيث ختمت المقال بــ: "وما يزال هذا القانون موجودا ومطبقا، وقد أشرفت مأمورية الرئيس الأولى على الانتهاء - نصف العام تقريبا - فهل سيترشح الرئيس لمأمورية ثانية ليضمن من خلالها هزيمة هذا القانون المعجزة أم أنه سيكتفي بوصفه عاشر الرؤساء مسترشدا بالمثل الحساني (الموت فــ عشرة انزاهـا) تاركا لنا قانونا عجيبا لا يصدق وجوده أصلا إلا من شاهده بأم عينه".
لكني للأسف الشديد تبينت أن هذه الاجراءات كانت تستهدف - ضمن أمور أخرى - السائقين الذين يتعدّون على المسارات الخاصة بالحافلات السريعة في العاصمة نواكشوط، حيث تتضمن بعض هذه التعديلات فرض غرامة مالية قدرها 50 ألف أوقية قديمة، بالإضافة إلى سحب رخصة القيادة مؤقتًا في حال تكرار المخالفة.
يحدث هذا في بلد ينادي جميع أهله ونوابه في الجمعية الوطنية وجمعياته المختلفة بالحد من حوادث السير ويطلقون برامجهم التأبينية والتوعوية دون التطرق إلى نقد هذا القانون الذي يعتبر السبب الرئيسي فيما يقع من مصائب وكوارث.
فهل تتفق معي أيها القارئ الكريم، وفي ظل التزايد المخيف في أعداد ضحايا حوادث السير التي نشاهدها بين الفينة والأخرى، إلى أن سعي السلطات المعنية في هزيمة هذا القانون المعجزة - والفريد من نوعه في العالم بوصفه يشرع وجود راكبين مع السائق في السيارات الصغيرة وأربعة ركاب في المقاعد الخلفية لنفس النوع من السيارات - كان أولى من رسم خطوط ومسارات سيكون تفاديها مستحيلا على سائق - غالبا لم يخضع لتدريب رخصة القيادة – محشور بوجود شخصين - ربما يكون وزنهما كبيرا إن لم يكن هو كذلك؟.
وهل سنكون جميعا مع الفيلسوف الضاحك؟ الذي يضحك على الناس وعلى تصرفاتهم فلا يبالي ولا يهتم، أم سنكون مع الفيلسوف الباكي الذي يقف مشدوها أمام بواعث الألم والوجع فيتألم ويبكي ويقاوم حتى يتغير الحال؟