بطاقة الصحافة المهنية: تقييد للصحفي أم حصانة تميّزه عن المدوّنين؟

خميس, 21/08/2025 - 12:46

الراصد : منذ وصول الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى الحكم عام 2019، لم يعقد لقاءً مباشراً مع الصحافة، لكنه أعلن عن خطة لإصلاح القطاع أطلق عليها اسم “تمهين الصحافة”، بديلاً عن شعار “تنقية الصحافة” الذي رفعته أنظمة سابقة بدعم من بعض من يُطلق عليهم “حراس المهنة”. هؤلاء غالباً من الإعلاميين القدامى الذين عجزوا عن مواكبة الإعلام الجديد، وخاصة الإعلام الرقمي، وظلوا يكررون أطروحات تقليدية تجاوزها الزمن، مما انعكس سلباً على تطوير القطاع وحرمان الصحافة من تبادل التجارب والانفتاح على الجيل الجديد.
هذا الواقع خلق فجوة كبيرة بين الصحفيين المخضرمين والهواة الذين أُطلق عليهم آنذاك وصف “الدخلاء”. ففي الوقت الذي كان فيه بعض الإعلاميين القدامى يطالبون بـ”تنقية الصحافة”، كان من الأجدى الاستثمار في تكوين الجيل الجديد وتأهيله. غير أن غياب الرؤية الاستراتيجية جعل المهنة بيئة خصبة للعشوائية، وتحولت مؤسسات إعلامية إلى ملاذ لغير المتخصصين أو بعض متقاعدي الأجهزة الأمنية، رغم أن قلة منهم ساهمت بخبراتها خاصة في التحليل العسكري.
في محاولة لتدارك هذا الوضع، أعلن الرئيس ولد الغزواني عن تشكيل لجنة لدراسة سبل إصلاح قطاع الصحافة باعتباره سلطة رابعة. وقدمت اللجنة تقريرها قبل عامين، وانبثقت عنه قوانين مهمة لتحديد من هو الصحفي المهني والمؤسسة الصحفية. غير أن هذه القوانين واجهت عراقيل حالت دون تطبيقها.
وبعد مخاض طويل، أُعلن مؤخراً عن ميلاد لجنة منح البطاقة الصحفية المهنية، غير أن تشكيلتها أثارت جدلاً واسعاً. فاللجنة وُضعت تحت إشراف وزارة الثقافة، ويرأسها الأمين العام للوزارة، وهو ما اعتُبر تدخلاً حكومياً في شؤون الصحافة وتناقضاً مع مبدأ الاستقلالية.
هذا الوضع يثير تساؤلات جوهرية: هل وُجدت البطاقة الصحفية لتقييد العمل المهني أم لحماية الصحفي وتمييزه عن غيره من الممارسين؟ وهل يمكن للصحافة أن تمارس دورها كسلطة رقابية وتنشر تفاصيل إخفاقات الحكومة في ظل خضوعها لوصاية السلطة التنفيذية؟
الكثير من المراقبين يرون أن الخطوة السليمة كانت تقتضي إنشاء مجلس أعلى للصحافة مستقل، تُنتخب هيئاته من طرف الناشرين والنقابات الصحفية، ليكون هو الجهة المخولة بمنح البطاقة وضمان حرية واستقلالية المهنة.
بقلم الصحفي آبيه محمد لفضل