الراصد: فتح انقلاب ٨..٢ باب حقبة سادسة، أعادت رسم خريطة البلاد السياسية، حيث تشكلت جبهة وازنة ضد الانقلاب بينما اعتبر زعيم "التكتل" أحمد ولد داداه أن الأمر يتعلق بحركة "تصحيحية" ؛ وبعد نقاش مستفيض داخل هذا الحزب الكبير، تقرر ديمقراطيا دعم الانقلاب. لقد بذلتُ كل الجهود الممكنة لتجسيد هذا الخيار، فعلى سبيل المثال، شاركت في مسيرة راجلة ضخمة صوب القصر الرئاسي والتقيت، على انفراد ولأول مرة، بقائد الانقلاب (وقتها) الجنرال محمد ولد عبد العزيز. بعد احتدام الصراع السياسي مع خصم عنيد، قرر زعيم "التكتل" التراجع عن دعمه للانقلاب لأسباب أجهلها، إلا أنني ومجموعة من الأطر قررنا مواصلة هذا الدعم نظرا للبرنامج الإصلاحي الذي أعلن عنه قادة الانقلاب ولحجم الجهود التي كنا قد بذلناها، حيث كان من الصعب أو شبه المستحيل علي شخصيا الانخراط مباشرة في نقيض ما انهمكت فيه بكل ما أوتيت من جهد وتسليم نفسي لخصم سياسي كنت أقارعه منذ ساعة أو أقل ؛ لقد خانتني وقتها المسوغات الفكرية والمنطقية قبل مقتضيات التكييف السياسي، كما لم يسعفني الوقت... فما هي يا ترى مصداقية خطاب تختلط أصداؤه بأصداء نقيضه الحديث في آذان الرأي العام وعلى نفس اللسان؟!... في تقديري أن هذا التراجع المفاجئ من طرف هذا الحزب العريق هز قواعده وأثر عليه سلبا لاحقا. وددت لو أبقى الحزب على قراره الأول وأبدى المرونة اللازمة ولو مرحليا، على غرار ما قام به زعماء سياسيون مثل "افرانصوا ميترانه" و "عبد الله واد"...
فلو شاءت الأقدار أن تمسك "التكتل" بموقفه الأول تجاه انقلاب ٨..٢، لكانت البلاد قد جنت ثمرة ذلك الموقف التاريخي، ولكانت اليوم في وضعية أفضل بكثير (وهذا هو المهم!) مما هي عليه، خاصة من المنظور السياسي...
(النهاية)