
الراصد : : كل اتفاقية بين موريتانيا والسنغال يجب أن تكون محل ترحيب وإشادة وتقدير محكوم على الشعبين بالتعايش والمودة ولا يملكان خدمة لمستقبلهما أية خيارات أخرى
تغلب العقل والمنطق دائما على نزوات العنصريين ودعاة الفتنة فظلت علاقات البلدين والشعبين أكثر ارتفاعا من أمواج التجاذبات السياسية والأمنية الإقليمية التى طالما شكلت خطرا على حاضرهما ومستقبلهما.
يوجد أكثر من نصف مليون من الأسر مختلطة الدماء والأعراق فى اليلدين.
فموريتانيون كثر اندمجوا فى المجتمع السنغالي وسنغاليون أكثر اندمجوا فى المجتمع الموريتاتي فانتشرت الأسر المشتركة التى تحمل دماء "البيظان" و"الولوف" وغيرهما من المكونات الاجتماعية للشعبين على طول الضفتين وعلى امتداد اراضى البلدين
وكان للمشيخات الصوفية دور بارز فى رسم وتقوية ملامح الإنسجام والتعايش بين الشعبين ( أهل الشيخ سيدي أهل الشيخ محمد فاضل أهل الشيخ سيدى محمد أهل الشيخ ابراهيم انياص أهل الشيخ احمدو بمبه أهل الشيخ امبكه ...) وعشرات غيرها من المشيخات الصوفية فى البلدين.
اليوم سيطبق اتفاق جديد بين موريتانيا والسنغال وسيعفى بموجبه رعايا البلدين من دفع أية رسوم مرتبطة بدخول البلدين وعبور الحدود
فى الواقع اتفاق جيد ومرحب به ولكنه مجحف بموريتانيا لأسباب نراها وجيهة مع اننا لانعرف هدف الحكومة الموريتانية من ورائه
* سكان موريتانيا حدود 5 ملايين منهم مليون ونصف تقريبا عبارة عن جاليات منتشرة عبر العالم بينما سكان السنغال حدود 30 مليون منهم خمسة ملايين تقريبا عبارة عن جاليات فى الخارج
* السنغال باستثناء محاصيل زراعية بسيطة وشاطئ فقير بالاسماك واكتشافات مرتبطة بالغاز مثلا تعتبر يلدا فقيرا بينما تعتبر موريتانيا بحديدها ونحاسها ونفطها وغازها وسمكها وذهبها وزراعتها وفوسفاتها بلدا غنيا
* فى السنغال حكامة رشيدة ليس لديها ما " ترشده" وفى موريتانيا ثروات ضخمة ليس لديها من " يرشدها"
* تعيش السنغال أزمة اقتصادية صامتة عبرت عن نفسها على بعض وسائل الإعلام هناك فالنمو الديموغرافي المتسارع لايتناسب مع ماتملكه البلاد للتكفل بشعبها ولذلك يتسابق السنغاليون لمغادرة السنغال ضربا فى الأرض للبحث عن مصدر مهما كان للدخل
* الأزمة فى موريتانبا أزمة حكامة أزمة فساد وضعف حكومي وليست أزمة موارد فثروات البلاد لو سيرت بطريقة عادلة لأغنت الشعب الموريتاني وشعوبا معه فى المنطقة وبسبب غياب العدالة يتسابق الموريتانيون للخروج من البلاد بحثا عن حياة كريمة
* الاتفاق الأخير بين البلدين فرصة ذهبية لتدفق ملايين السنغاليين نحو موريتانيا مقابل عدة آلاف من الموريتانيين قد يدخلون السنغال دون أي حماس يذكر فالتجارة التى كانت مصدر دخلهم هناك تسلمها المواطنون السنغاليون و الماليون والغينيون واللبنانيون وغيرهم منذ نكبة 1989 الأليمة والتى كان الهدف منها اقتلاع جذور الموريتانيين من السنغال وإبعادهم عنه
* تقريبا مقابل كل موريتاني يدخل السنغال سيدخل مائة سينغالي موريتانيا
* السنغاليون يدخلون موريتانيا بحثا عن إحدى ( الحسنيين) الإقامة والتملك ثم " التجنس" أو العبور بأية طريقة متاحة نحو اوروبا أو بلدان الوطن العربي
- الموريتانيون فى السنغال إما أنهم مرضى يبحثون هناك عن العلاج أو طلاب دراسات عليا وبدرجة أقل تجار عابرون فالتاجر الموريتاني لم يعد يثق فى بناء تجارته فى السنغال إذ لايعرف متى ينقلبون عليه لذلك يتاجر فى غامبيا و" الغينيات" عبر السنغال التى لا يتخذها مستقرا لنشاطاته التجاربة
- يخشى على السنغاليين من الذوبان فى مجتمع موريتاني به مكونة زنجية من السهل عليهم الإنصهار فيها إلى الأبد ولدينا اطراف محلية يهمها تجنيسهم باية طريقة متاحة خدمة لتوازنات" عرقية و" اجندات" انتخابية" ولذلك قد يدخل السنغالي موريتانيا ولا يعود منها أبدا
- بالنسبة للموريتانيين لا يمكنهم الإنصهار فى المجتمع السنغالي الحديث لاعتبارات لونية وعرقية
- السنغاليون الذين سيتسربون داخل تلافيف المجتمع الزنجي الموريتاني سيشكلون خطرا مستقبليا على التوازنات الديموغرافية والخرائط الاجتماعية والسياسية والحقوقية فى البلاد خاصة عندما تحتضنهم جهات محلية يهمها كثيرا اندماجهم وذوبانهم فى النسيج الاجتماعي المحلي
- اي تدفق للسنغاليين على موريتانيا سيشكل ضغطا على الخدمات الصحية والتعليمية وخدمات النقل والسكن وغيرها من الخدمات المنهكة اصلا فى بلد عاجز حتى عن توفير خدمات الماء والكهرباء لمواطنيه
هذا الاتفاق الجديد مع سلبيته على موريتانيا فهو يحمل جوانب إيجابية
- ستنتعش سوق العمل وتتم تغطية النقص الحاصل فى اليد العاملة الذى خلفه خروج بعض المهاجرين غير الشرعيين من البلاد
- السنغاليون هم أقرب شعوب المنطقة للشعب الموريتاني يتفاهم معهم يتعاون معهم يعرفهم ويعرفونه
- ستكون هناك حركية تجارية اقتصادية متبادلة يستفيد منها الشعبان والبلدان حتى وإن كانت استفادة السنغاليين اكثر قيمة ومردودا
- ستتمكن السلطات الموريتانية من ضبط أمور إقامة السنغاليين وتنظيمها بيومتريا لمنع الإقامة غير القانونية والحصول على قاعدة بيانات مهمة حول حركة السنغاليين وأنشطتهم ما يعنى نهاية قوضوية إقامتهم وتنقلهم بين البلدين
خلاصة
من المهم مراجعة الإتفاق الأخير وتهذيبه حتى لا يكون على حساب المصالح العليا لموريتانيا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا..