الراصد: لا يمكنني ان أتصور، حال بلد لا تحكمه قوانين تضبط حياة الناس و تساعدهم في تبادل المنافع لخدمة الصالح العام.
لكنني بالمقابل لا أعتقد أن القانون يجب ان يكون أداة لإساءة فهم الحرية.
المبدأ المتعارف عليه "أن حرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين" بمعنى أن حريتك يجب أن لا تشكل ضررا لغيرك، و إذا التزمنا بهذا المبدأ كفانا شر كل التفسيرات و التؤويلات السابقة و اللاحقة للقانون الجديد؛ و يظل خوفي من القانون الجديد هو أن يتضمن مواد مفخخة، يتوقف تفسيرها لدى السلطات التنفيذية على أساس تؤويلاتها هي لمفهوم تلك المواد و ليس بالصيغة التي وضعها بها المختصون في القانون.
و هنا أغتنم الفرصة لأطالب البرلمان بإيلاء هذه النقطة الجهد الكافي لكي لا يكون القانون الجديد مجرد عصا تستخدمها السلطة لإسكات مخالفيها.
النقطة الثانية : هي ان الهدف يجب ان لا يكون "تقييد الحريات" بل "ترشيد الحريات" و تكريس الحق في حرية التعبير المكفول في جميع القوانين بجعل حماية القوانين تسري على الجميع و في صالح الجميع، فمن غير المعقول سن قانون يحد من "حرية التعبير" و لا نرى قانونا يحاسب السلطة على فعلها المخل بالقوانين و هو ما يدفع الكثير من المدونين لكشفه أحيانا بأساليب قد لا ترقى لاحترام القوانين و الأخلاق، عاكسين بذلك أحيانا جزءا من ثقافة مجتمعهم الذي يعيشون فيه.
هذا رأيي في القانون الذي أتوقع أن تكون أول التحديات التي ستواجهه ما أسميه أنا بالقضايا الملتبسة في ثقافتنا و سلوكنا و لعل من أبرزها :
ـ تحية العلم ؛
غدا حين يرفع العلم على ساريته، سوف يرفض "شيوخ السياسة" و أنصارهم من المتزمتين، الوقوف لتحية العلم و يبررون عدم انصياعهم، بكتب وضعت في عصور خلت أو ألفها آحاد ناقمون على أنظمة الحكم في بلادنا العربية ممن خرجوا من غياهب السجون و هم في حالة نفسية لا تمكنهم من التنظير في السياسة أحرى في الفقه الإسلامي.
ـ هيبة الدولة ؛
خطابات الكراهية بشقيها العنصري و التكفيري، تقدم للناس في الشارع و المساجد و المناسبات السياسية للأسف على أنها من صميم الدين و تسوق في مواقع التواصل الإجتماعي كعقيدة لهدم الدولة نهارا جهارا ، و رغم ذلك لا ترى ناهيا و لا منتهيا و كأن أصحاب هذا الخطاب دولة داخل دولة.
ـ الثوابت الوطنية ؛
الدين و التاريخ المشرق للوطن، هل يمكن أن تتصور شخصا يمجد الإرهاب باسم الدين أو يرضى بالعمالة للأجنبي أن يكون له ولاء للوطن ؟
و بالمثل هل يمكن أن تتوقع من شخص يسيء إلى ديننا أو تاريخ بلدنا، كأن يهاجم تاريخ المقاومة الوطنية أو يقلل من قيمة جيشنا أن يكون مخلصا لقيم الجمهورية.
و هذا الطابور الخامس، يتستر تحت غطاء الدين حينا و أحيانا اخرى تحت عناوين "السياسة"و "حقوق الإنسان" و "التمويلات التي تأتي من خارج الحدود"
و سيكون على الدولة في رهانها على كسر شوكة المدونين، أن تجرب حظها في الموجود أولا قبل البحث عن المفقود