أجد صعوبة كبيرة في نطق هذه العبارة الخارجة على نواميس التراكيب اللغوية و الخالية من أي تناسق معنوي يفيد شيئا غير المسخ.k
العار، هذه مفردة تصلح رديفا للوزراء و الأمراء و الجنرالات و منظومة المافيا و المعارضة الموسمية الملتحقة حديثا بالوزير الطائعي ولد بوبكر، و مريدي الجنرال غزاواني، الذين اكتشفوا صلاحهه من جديد بعدما أعمتهم سنوات عجاف من تملق عزيز.
لكن لا بأس سأتحدى هذا المعضل اللغوي لأجد دلالة سياقية أتخلص بها من حمولة “العامل” التاريخية المشحونة بأسماء الشهداء و رائحة العمال الثوار حين كانوا عمالا، قبل أن تجري مصادرة أسمائهم لتحويلها إلى هذه الصور التي لا ملامح عمالية فيها غير الياقة و غطاء الرأس! إن الدلالة السياقية الوحيدة،ممكنة الملاذ و الدرع الواقي من أشباح العمال و أرواحهم التي ترفرف حرة من وجود كان مرهقا ، هي كوننا في زمن البؤس و جغرافيا ماعادت تصلح للسكن، حيث يصبح العامل الذي قد من عمل استغلت فيه عضلاته و صب في قالب من المعناة المتصلة بالنعاس و التثاؤب وصلب على أبواب الحياة، يقف مع جنرالات و حفنة من الجرذان سرقوا عمره و حولوه إلى أرصدة بنكية يرفلون في نعيمها الذي لا يملك حق الحلم به!
أن يصبح العامل ذو الصوت الخشن و الأسمال البالية و الجيوب الفارغة إلا من التقعرات التي ملت انتظار ما يقع ، بوقا للأنظمة الرجعية، يستقبل جنرالها المنقلب على شعبه بالزغاريد والتمجيد، بعدما كان رفاقه يصافحونه بالرصاص والعرق الحارق! فهذا أمر يثير اندهاش القبور و يوقظ الموتى من رقادهم السرمدي تفاديا لكارثة محيقة بهذا الفراغ الذي قل فيه مايعول عليه لسد فراغه و تأهيله للحياة.
إن اللحظة التي يصافح فيها عمال الميناء الموريتانيون الجنرال غزواني في دار للشباب ليعلنوا دعمهم له -وهذه توليفية مأساوية صعبة الهضم، فحين يجتمع العمال في مكان للشباب في سياق غير هذا أقل مايمكن أن يكونه أفق الانتظار، هو اشتباك بالمبادئ و البيض الفاسد ضد الأحذية الخشنة و الخطابات التنويمية، كعودة حتمية للفعل الثوري- هي لحظة أقل ما يقال عنها إنها لحظة مستقلة بكل ثقلها و خذلانها عن الزمن الثوري الذي يواصله العمال في السودان بانضمامهم للشعب و تصدرهم لمواكب الثورة المظفرة ضد البشير و يقتحمه أصحاب “السترات الصفراء” في فرنسا بدك أعتى حصون النظام البرجوازي العالمي.
كما أنها مستقلة عن واقع تلك البقية العمالية في الميناء المتخلفة عن التصفيق، القابضة على جوعها بالصبر المتمسكة بأحلام أبنائها الشفافة التي تسقيها بالأمل و “الكدحة” بعيدا عن مذلة السؤال، في بلد كل ساكن فيه هو ذو حاجة وفي السبيل إلا قلة من شذاذ الآفاق سطت ليلا على فضاء الحلم و حولته إلا ملكية خاصة، وما عاد فيه من يملك ما يعطي، إلا سارق أو متملق أو صديق لهما.