
الراصد : حينما تتأكد القناعة بأن الوضع الداخلي يتطلب الدخول في حوار سياسي فالخطوة اعتراف موثق بأن الأزمة الداخلية تعيق مشيئة "الاغلبية" المسيطرة و تحد من قدرة النظام الديمقراطي في التحكم الإيجابي في شتى مواضيع و ارتجاجات الجبهة الداخلية التي سيطر التقصير على أداء النخبة التي تقودها و توجهها و فرضها اجتهادات بعض عناصرها المتنفذين على مراجعة متبصرة للواقع و كيفية تأمين الوصول لمستقبل يلبي طموحاتها و يوفر حمايتها من عقاب الخلف أو نقمة الشركاء الحاليين .
لا خلاف في إيجابية الحوار و ترسيخ سنته و دعم اعتماده بين الكل ، و لا جدال في كونه وسيلة حضارية راقية تلغي كل الوسائل و الرغبات التي تحكم سلوك أبناء الوطن الواحد و التي سيطرت على تاريخ التغيير السياسي في البلد منذ تأسس و إلى عهد قريب ، لكن من المهم محاولة تحديد ماهية الحوار و كيفيته و بين من سيرجي الحوار ...؟
فالحوار المطلوب يكون غاية للوصول للإصلاح و التنمية و العدل و المساواة بين متحاورين انداد يزكون الأصلح و يرفضون الفساد و يسعون لتضميد كل الجراح و تصحيح كل الأخطاء و احترام كل المتحاورين و إتاحة الفرصة لكل القوى السياسية الحية و الموجودة بشكل واضح داخل صناديق الاقتراع ، أو على مسرح احداث الجمهورية آلتي أدخلت كرها في ظلمات الغدر و الانتقام و الإقصاء و وظفت نخبتها سيطرتها لمغالطة الشعب و انتهاج سياسة الغالب المحتل و تخلت عن سياسة المنتصر للشعب و به .
الحوار الجاد هو البلسم الشافي للمعاناة و الحل الخارج من تزاحم عقول كامل الطيف السياسي وليس حيلة للهروب إلى الأمام و تعمد إقصاء الشركاء الماكثين في الأرض و في مختلف ساحات النضال و الرفض لفرض الواقع المتناقض و العاجز عن تأمين الوطن و شعبه و إقناع القطيع بنظامه الذي تعود أن يستخدم الحوار أو التشاور لكسب الوقت و للضغط على المتعجلين على قطع الصلة بالماضي و النهل من فرص الحاضر التي هي مجرد سراب يحسبه المتعجل الظمآن ماء .