قد يتسرب إلى أذهان البعض أنّنى أستهدف من خلال هذا الطّرح المتواضع،مجموع نخبتنا من الأطر والمثقفين والسّياسيين والأدباء والزّعامات الدّينيةوسلك المعارضة والموالاةكلّهم، لا قدّر الله ،ولكن الحقيقة أنّنى أقصد مواقف واصطفاف بعض هؤلاء القوم مع الأنظمة والحُكّام وأصحاب النّفوذ من التّجار ومالكي المؤسسات والثروات ،حيث لم تكن تلك المواقف-فى حدود تَصوري-مع التّغيير إلى الأفضل نحو دولة القانون والمؤسسات،بِقَدرما كانت طمعًا فى التّعيين وتَقَلُدِ المناصب وتَصَيُّدِ الثّراء والأرستقراطية الدّنيئة !!!!
إلى متى سَيَظل القَهْقَرِي قَدَرُنَا؟ لماذا لا نأخذ على يَدِ القاعدة الشّعبية العريضة البسيطة المطحونة منذ الإستقلال إلى يومنا هذا ؟ لماذا تَستهوينا المطامع وتَغيب فى مواقفنا المبادئ؟ هل نعيش أزمة إفلاس النّخبة من المثقفين والتكنوقراط ؟
إنّ الدّور الطّبيعي للنّخبة ونقصد الصَّفْوَة المتعلمة والمثقفة،هو كشف سَوْءات المجتمع وتنويره والوقوف أمام ظاهرة الفساد وإهدار موارد الدّولة وسوء إستغلالها والتّصدي لكل أنواع الذّل والقهر والتّهميش حتى تتحقق العدالة الإجتماعية ودولة القانون والمؤسسات وتَتَبَوَأ الأُمة المكانة اللاّئقة بها من الرّقي والتقدم والإزدهار…..
لقد أعطى أفلاطون للفلاسفة صِفة النّخبة فى عهده ،يَومَ كانوا عُلِّيَّة القوم ،كما أعطاها المَصريون القدماء للكهنة بإعتبارهم من فِئة النّابهين حيث كانوا المشرفين على المعابد ودُورِ العبادة حِينها…..واستمرت صفة العُلِّيَّة هذه فى العصور الوسطى والحديثة عندما حملوا أَلْوِيَة التّنوير فى المجتمعات وكانوا رُوّاد التّغيير ضِد كل من يريد أن يَحِيدَ فى مَهاوي الدّيكتاتورية والتّجبر والتّسلط ،وفى وجه من ينوي الإستئثار بالسلطة والحُكم على حساب الطّبقات المسحوقة من الشعب !!!! حَدَثَ ذلك فى كل أنحاء الدّنيا فلماذا نكون إستثناءً ؟
فى البلدان المتقدمة يقوم السّاسة والحُكام فى إتِّخاذ القرارات بالرّجوع إلى رأي النّخبة من العلماء والمثقفين ويعتمدون التّوصيات التى تصدر عنهم وذلك فى جميع المجالات المتعلقة بالتنمية والقرارات المصيرية والأمن القومي والمواقف السّيادية، بينما عندنا فى العالم الثالث ،فإنّ النّخبة ظلّت مَطِيَة لِشَرْعَنَة الحُكم ولم تكن أبدا فى مجمل الحالات أداة من أدوات الإسهام فى النّهوض بالبلدان وكانت مشاركة فى نهب الخيرات والثروات ، زِد على ذلك كانت مُسَوِغَة لأنماط السلطة ووصلت فى بعضها إلى تَأْلِيهِ الحاكم وتوريث الحُكم لِأحفاده….!
وعلى مستوى الصّعيد الوطني فإنّه منذ إنقلاب 1978م إلى 2008م ونحن ندفع ثمن إندفاع النّخب مع الأنظمة وتَلَوُنِها بكل أشكال المواقف المؤيدة لهم من الإستحواذ على السلطة إلى التّراجع عن المبادئ الديمقراطية الموصلة للتّناوب السّلمي عليها حيث ساهمت تلك النّخب فى كثير من الإستحقاقات الإنتخابية فى تَحْيِيدِ إرادة الجماهير وتزوير الإقتراع وجلست على طاولة الحوار لِمُبَارَكة الحُكم وشَيْطَنَة من يقف فى الضّفة الأخرى…ولا ننسى أنّ بعضها إمْتَهَنَ فى تَزَلُّفِه على إشاعة روح الكراهية بين طبقات وفئات المجتمع طَمَعًا فى حساء كعكة السلطة !!!!
هل غابت عن هؤلاء دروس التّاريخ ،إذْ أنّ الزّبد يذهب جفاءً وما ينفع النّاس يمكث فى الأرض؟ هل نَسِي َ هؤلاء وهم الطبقة المتعلمة ،أنّ دولة الشعب والمواطنة هي صمام الأمان أمام كل التّحديات المستقبلية وأنّ سلطة المخزن حالة عارضة لا تبقى فى وجه العواصف القادمة من بُؤَرِ الظلم والحرمان والإقصاء والتّهميش لِفئات الشعب المتباكية من جُهْدِ المعاش وإرتفاع الأسعار وتدهور البنية الصحية والتعليمية والطُرقية وغياب الأمن والطمأنينة وإنسداد أُفق التنمية وضَيَاعِ هيبة الدّولة …والنواقص عديدة لا يمكن حصرها فى مقال.
وفى الختام يا سيادة الرئيس غزواني،كُنّا ومازلنا نَأْمل فيكم خيرا ،فلا تَغْتَرُو بالمهرجانات والأبواق المنفوخة على المِنصّات، إنّها وَلاَءَات الجُيوب وليست فى القلوب ..كانوا بالأمس القريب بالعُدوة القصوى مع عزيز ، وغدا سيكونون بالعُدوة الدنيا مع غيره ، إنّها جِبِلَّة الطمع والتّزلف…!
احرصو على العمل وضخّ الإستثمار فى الشباب والمشاريع والتنمية وإرساء دولة العدل والقانون والمؤسسات، أغرسو شَتَلات الأمل والخير فى هذا الشعب تَجِدوه أمامكم فى المواقف الصعبة وحصنًا حصينا لكم من عاديات الزّمن و تقلبات الدّهر وتَدَاوُل الأيام بين النّاس.
المهندس: أحمدو ولد الشيخ ولد أحمدو