التاريخ يذكرنا برجال تسلطوا وانتفخوا أسودا كرتونية مزيفة،نزلوا إلى مستوى الرعية ونافسوها في حياتها اليومية وضايقوها في الأكل والشرب والتجارة وآثروا أنفسهم على حسابها..والراعي حين يرعى مع الغنم صار من الطغاة،مثله في ذلك مثل كل إنسان قرر النزول إلى مستوى الحيوان أو مستوى أسفل من الحيوان..فالسفول هو الطغيان حتى ولد تم تحت عنوان الحرية.
مفهوم الحرية تشعب ولم يعد حبيس العلاقات بين الحكام والمحكومين داخل النظم السياسية للبشر،وشمل جميع مناحي حياة الإنسان،وبقيت الحرية رغم هذا محدودة بقيود ثقافية تميز الإنسان عن الحيوان.
وتلك القيود تكونت بفعل لبسه للثياب ونطقه للغات وتفكيره بالعقل،وهي مقومات تميز الإنسان عن الكائنات الحية الأخرى،و بها تمكن من ستر عوراته الظاهرة والباطنة وتكوين نظام أخلاقي فيه ميزان للحسن والقبيح يعرف الحق وينكر الظلم انطلاقا من قواعد الأمانة التي بين الله وأرسل بها الرسل،رضي من رضي وأبى من أبى فاختلفت الأمم شيعا ولغات،وبقيت تلك المسلمات تمثل دعائم مشتركة للعقل البشري..في حين أن اللغة التي لا تؤدي وظيفة التفاهم تنضم إلى عوامل الستر الأخرى.
وانقسم البشر إلى أصناف ثلاث :
1- الصنف الأول بشر فوق مستوى الحيوان تحملوا الأمانة والتزموا بقواعدها وأعطى رعاتهم للرعية حقوقها فأعطتهم مقامهم ولم تنازعهم في الأمر.
2- والصنف الثاني بشر مساوون للحيوان في تحرره من الثياب والتحرر من القيود الأخلاقية والثقافية وما تتضمنه من قواعد حلال وحرام،كما في الشريعة الإسلامية.
وإذا تعلق الأمر بالمرأة وتحررت من ثيابها وذهبت تشاري وتماري تنشر عطرها في الآفاق متمردة على القيود،تعرضت في الغالب لذكور بشرية جردوا الكلام من أثواب المجاملة وتعاملوا بلغة الجسد كما تفعل الحيوانات..فتحصل الكارثة.
وحين يقلد البشر الحيوان يسود قانون الغاب وتضيع حقوق الضعفاء مثل الأطفال والأمهات وكل الرعية،ويردد الوليد قول القائل :
هذا جناه علي أبي وما،،جنيت في الدنيا على أحد.
3- والصنف الثالث بشر نزلوا إلى مستوى أسفل من الحيوان ،أرادوا تحويل الأنثى ذكرا والذكر أنثى،سعوا إلى مشاركة الله في خلقه وتغيير إرادته..يلهث كل هؤلاء خلف المستحيل مبددا جهوده..والعجز البشري يمثل برهانا على وجود الخالق.
تلك الفئة تمردت على القدر فابتكرت طرقا انحرافية توقف التناسل الطبيعي الضامن لاستمرار الحياة على الأرض..توقف الإنجاب بينهم إيذانا بهلاكهم كما هلك أمثالهم من قوم لوط والعياذ بالله.
ومن هذا يتضح أن دعاة الحرية عليهم أولا الاعتراف بالعبودية لله الذي حملهم بأمانة اختلف مستواها حسب مقام الراعي ومقام الرعية،لأن الحرية ليست تمردا وسفول وإنما انضباط وسمو وتطور.
السفول والانحراف الأخلاقي يؤديان إذا إلى التمرد والهمجية،ولهذا وجب على كل إنسان البحث عن الفروق بين الحرية والهمجية،خاصة في هذا الزمن الذي اختلط فيه الحابل بالنابل وظهر من ينشر السلوك الحيواني ويدعوا إلى الثورات بوصفهما رسالة حرية تهدف إلى تطوير الإنسان،وهو بيت عنكبوت وهن نصبه دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها.
المحامي/ محمد سدينا ولد الشيخ ولد أحمد محمود- نواكشوط - موريتانيا
بريد ألكتروني:
sidinavocat@yhoo.fr