ولد بوحبيني يكتب عن إقالة ولد لحبوس: لا يمكن أن تبنى الديمقراطية في بلد تصبح فيه القناعة السياسية سبباً للعقوبة

أحد, 27/07/2025 - 14:08

الراصد : منذ أيام قليلة، التقيت بالسيد حمادي لحبوس في مسجد. كان لقاءً عابراً وبسيطاً، لكنه ترك في نفسي مرارةً حقيقية. فقد أدركت أنني، مثل كثيرين غيري، تعاملت مع إقالته الأخيرة بشيء من اللامبالاة، وكأن الأمر أصبح عادياً، مألوفاً، متوقعاً. والحال أنه كان يجب أن يصدمنا. كان يجب أن يوقظ فينا شيئاً.

لأن ما حدث ليس مجرد واقعة إدارية عابرة، بل هو تجلٍّ لمرض أعمق: غياب حرية الاختيار السياسي في بلادنا. وهو مرض يشلّ الحياة العامة، ويصبح مع الوقت، وبفعل الاعتياد والتسامح، غير مرئي.

في بلادنا، لا يزال يحدث — وبتكرار مقلق — أن يتم إقالة أو تهميش أو إبعاد مسؤولين عن وظائفهم، لا بسبب تقصير مهني، بل بسبب آرائهم أو مواقفهم أو مشاركتهم في أنشطة سياسية. حدث ذلك مع عدد من الأطر، من بينهم السيد الكوري ولد اصنيبة، والسيدة فاطمته منت دحي، ومؤخراً السيد حمادي لحبوس (الذي كان قد تم تكريمه بوسام قبل فترة وجيزة، في مفارقة لافتة). وهي وقائع مرت دون أن يلاحظها أحد في حين كان ينبغي أن تُحدث صدمة في الرأي العام.

هذه الممارسات يجب أن تُدان وتُرفض. لأنها تعكس تصوراً خطيراً للدولة، يقوم على أن الإدارة تابعة لخط سياسي معين، وأن من يخرج عن هذا الخط لا يحق له أن يكون جزءاً من هذه الإدارة.

وهذا التصور مناقض تماماً لمبادئ الجمهورية. ففي دولة تحترم نفسها، يحق للموظف أو الإطار أو المدير أن يختار توجهه السياسي بحرية تامة. ليس هذا منّة، بل حق أصيل. وواجبنا أن ندافع عن هذا الحق، ونطالب به، ونضمن احترامه.

ما دامت الآراء السياسية سبباً للعقوبة، وما دام الولوج إلى الإدارة أو البقاء فيها مرتبطاً بالولاء لخط سياسي معين، فلن تكون هناك ديمقراطية حقيقية.

يجب أن نقول ذلك، ويجب أن نُدين ذلك، لا من باب الجدل، بل من باب التذكير بحقيقة بديهية: الإدارة تنتمي إلى الجمهورية، لا إلى حزب.