قراءة في البيان/ بقلم الصحفي و الخبير القانوني سعيد ابراهيم لفرك

أحد, 06/07/2025 - 13:04

الراصد : من البديهيات في قانون الإجراءات الجنائية ( ق إ ج ) أن الشرطة لا تحقق أصلا  ، وكل ماتقوم به هو البحث الابتدائي بغرض اكتشاف المجرمين وجمع الأدلة تلقائيا أو بأمر من وكيل الجمهورية 67 ق إ ج  ، أما التحقيق فهو من اختصاص سلطة قضائية مختصة مستقلة تتمثل في " قاضي التحقيق " بطلب من وكيل الجمهورية رغم أنه ليس إلزاميًا إلا في أربع حالات نصت عليها المادة 71 ق إ ج .

ثم إن الكثير من التحري وجمع المعلومات الوارد في البيان يتناقض مع إعلان الشرطة العثور على الفتاة المفقودة بعد الظهر ، اللهم إذا كانت عثرت عليها قبل ذلك دون إخبار وكيلها أو أحد أصولها أو فروعها ..وهذا يتعارض مع المادة 58 من ق إ ج ! ثم 
كيف يصدر بيان رسمي دون أخذ أقوال الفتاة ؟وإذا افترضنا جدلا أنه تم استجوابها دون إطلاعنا على ذلك ألا يتعارض هذا مع نص القانون في حالة استجواب القصر  ! وكيف يصدر البيان دون صدور فحوصات طبية تؤكد سلامة الفتاة جسديًا وعقليًا !

كما أن صدور  البيان في عطلة الأسبوع التي لاتحسب من مدة الحراسة النظرية التي يفترض أن تبدأ فعليا غدا الاثنين وقبل القيام بالإجراءات القانونية و قبل العرض على السلطات القضائية يطرح  إشكالات قانونية ؟

و من الإشكالات المطروحة مدى قانونية بيان الشرطة أصلا ! في وقت يفترض أن يكون البحث الابتدائي محفوفا بالسرية بعيدًا عن أعين الجمهور وأن ما يتم جمعه من أدلة ووثائق لا يجوز نشرها أو تداولها خارج إطار التحقيق نفسه، بهدف حماية سير العدالة وضمان عدم تأثير الرأي العام على مجريات التحقيق  . 
 
كلما في الأمر أن البيان تعجل كثيرًا، ولم يأت بجديد يذكر ، لقد جاء على هيئة لغز ، و مازالت أسئلة كثيرة عالقة تحتاج إلى توضيح؟ 

أهمها كيف لقاصرتين أن تختفيا كل هذه الأيام من البحث المكثف دون مساعدة من أطراف أخرى؟

وللذين يتمسكون ببيان الشرطة كدليل إدانة ألم تثبت أحداث ماضية ، أن بعض بيانات صفحة الشرطة  لم تكن دقيقة  لتلك الدرجة و كشف ذلك لاحقا، بفضل يقظة جهاز الشرطة نفسه المؤتمن على عمله ولا تمثله خروقات بعض عناصره للقانون واستغلالهم للسلطة المسندة إليهم .

و للإشارة عبارة الفتاة كانت " مخطوفة " الواردة في البيان لم تصدر هذه العبارة عن أي أحد من أهالي الفتاة إطلاقًا ، نحن نقلنا في إيجاز صحفي صدر في الصفحة هنا عن أهالي الفتاة  أن  الفتاة " مفقودة " ونريد المساعدة في العثور عليها .

وعبارة " اختفاء إرادي " الواردة في البيان يمكن تفهم هذه العبارة إذا كان المختفي بالغا مسؤولا عن تصرفاته وعندها لا تقوم جريمة أصلا  ! أما القاصر المختفي بإرادته يثير قلقًا قانونيًا إذا كان اختفاؤه مرتبطًا بأنشطة غير قانونية، أو قد يكون هناك اشتباه في استغلاله أو تعرضه للخطر، وقد يعتبر اختفاؤه إهمالًا من قبل الوالدين أو الأوصياء، ويبدو أن بيان الشرطة أشار إلى هذا الاحتمال الأخير حين قال : " وعليه ينبغي لولاة الأمور العمل على مناقشة وحل المشاكل الأسرية قبل فوات الأوان"

و قد كنت قد نشرت أخبارا متعلقة بالفتاة مرفوقة بصورها ومعلوماتها الشخصية  ، و خوفا على حالتها النفسية من أن تسبب لها تلك المنشورات تدهورا صحيا ،  وحماية لها من التشهير لا حقا ، قررت حجبها خاصة أن الغرض من كتابتها قد تحقق  وهو العثور عليها ، وليس تراجعًا عن أي كلمة أو نقطة أو التزام ورد في تلك المنشورات،.

وختاما نص دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية في المادة 13 على أنه " يعتبر كل شخص بريئا حتى تثبت إدانته من قبل هيئة شرعية مختصة ، تصون الدولة شرف المواطن وحياته الخاصة وحرمة شخصه ومسكنه ومراسلاته " 

والأصل في الإنسان البراءة حتى يثبت العكس . 

سعيد ابراهيم لفرك