موريتانيا أولا - ج3/3 ( المتغيرات الأقليمية و الدولية- خاتمة)

أربعاء, 24/07/2024 - 14:03

الراصد: مواصلة لنشرنا لمقال القيادي الناصري و النائب السابق السياسي المعروف الكوري ولد أحميتي نصل إلى الجزء الثالث و الأخير و الذي تناول فيه الكاتب المتغيرات الإقليمية و الدولية و تأثير  ذلك على موريتانيا ، كما يتضمن هذا الجزء خاتمة للمقال و التي تتضمن خلال للجزئين الأولين اللذين تناولا موضوع الوحدة الوطنية و إن من جوانب متباينة 

 

الجزء الثالث : المتغيرات الإقليمية و الدولية و تأثيرها على موريتانيا ، خاتمة

بالإضافة إلى ذلك، تعتبر موريتانيا غنية بالموارد الطبيعية مثل الغاز المعادن والثروة السمكية، والتي تشكل جزءًا كبيرًا من الاقتصاد الوطني. فحماية هذه الثروات تتطلب تأمين المناطق الغنية بالموارد وتوفير بيئة آمنة للاستثمار والتنمية. و عليه يصبح التعاون الدولي ضروريًا لتعزيز القدرات الأمنية والدفاعية، وضمان مراقبة وحماية الحدود البحرية والبرية بشكل فعال. و التعاون مع الدول الشقيقة و الصديقة.

فالعالم يشهد تحولات جذرية و تشكل جديد للقوى العالمية فأوروبا تشهد حالياً حالة من الانهيار نتيجة الحرب الأوكرانية وتداعيات طوفان الأقصى، حيث يتسبب هذان الحدثان في تصاعد حالة من عدم الاستقرار في القارة لصعوبة تكاليف تمويل هذين الحدثين اقتصاديا و ماليا هذا الوضع أدى إلى نشوء اتجاه جديد لا يمكن التكهن بشكله ولكنه سيكون نتيجة حتمية للاصطدام الدائر الآن بين الإرادة الشعبية ومنظومة الاستبداد في الغرب التي تسمي نفسها بالديمقراطية. 

فالاتحاد الأوروبي يعاني منذ عقود من مخلفات أزمة تموقع استراتيجي قائم على الولاء للتحالف الصهيوني الأمريكي، وليس على أساس مصالح الشعوب الأوروبية. فمنذ انهيار النخب الأوروبية في مشروع الصهيونية العالمية الذي بدأ بخطة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، تحكمت البنوك اليهودية في السياسات الأوروبية وصنعت الجيل الحالي من الساسة، حيث أضحت قادرة على تنصيب رؤساء الدول والحكومات كما تشاء مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك.

هذا التأثير العميق يعكس أزمة هيكلية تتجلى في هشاشة النظام الأوروبي وعدم قدرته على تلبية احتياجات شعوبه. ومع التحولات الكبيرة التي تشهدها القارة الأفريقية وصعود القوى الصينية والروسية في المنطقة،بالإضافة الى إنشاء مجموعة لبركست يزداد الضغط على أوروبا. فالمواطن الأوروبي لم يعد يتحمل تقليص المنافع الاقتصادية التي لم تعد الحكومات الأوروبية قادرة على توفيرها، نظراً لأن رفاه المواطن الأوروبي كان مرتبطاً بشكل كبير بنهب ثروات شعوب الجنوب وعليه كلما توسعت دائرة التمرد في دول الجنوب، تفاقمت الأزمة الاقتصادية في أوروبا.
إن ما يحصل في القارة الأفريقية من تحولات جذرية له تأثير مباشر على الأوضاع في أوروبا، حيث إن الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي كان يعتمد على استغلال موارد الدول النامية. ومع تصاعد النفوذ الصيني والروسي في أفريقيا، يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات متزايدة في الحفاظ على موقعه الاستراتيجي وتحقيق مصالح شعوبه. فالمواطن الأوروبي بدأ يشعر بوطأة هذه التحولات، وأصبح يدرك أن النظام القائم لم يعد قادراً على توفير حياة كريمة له كما كان في السابق.

ونتيجة لتفجير أمريكا لخط الأنابيب الروسي المغذي لأوروبا، ارتفعت تكاليف الغاز الطبيعي المباع لأوروبا بشكل كبير. هذه الوضعية أدت إلى زيادة تكاليف الطاقة في القارة الأوروبية، وقد وصل الوضع الى عجز الحكومات عن تقديم  خدمات الصحة و التعليم و غيرها  مما زاد من الضغوط على اقتصاداتها المتضررة بالفعل من الأزمة الاقتصادية الحالية.
في ظل هذه الظروف، تتزايد حدة التوترات الاجتماعية والسياسية داخل الدول الأوروبية، مما ينذر بتحولات جذرية قد تعيد رسم خريطة القارة السياسية والاقتصادية. فأوروبا تقف اليوم على مفترق طرق تاريخي، حيث تفرض الأزمات المتلاحقة إعادة النظر في السياسات والاستراتيجيات المتبعة. فالتحول القادم قد يكون غير متوقع ومفاجئ، ولكنه سيكون حتمياً نتيجة الاصطدام المستمر بين الإرادة الشعبية ومنظومة الاستبداد التي تحاول الحفاظ على هيمنتها.

في الختام، يمكن القول إن أوروبا تواجه تحديات غير مسبوقة تتطلب تغييرات جذرية في النهج السياسي والاقتصادي و الأزمات الحالية، سواء كانت ناجمة عن تمويل الحرب الأوكرانية أو تداعيات تمويل إسرائيل في حربها ضد الإخوة الفلسطينيين فيما يعرف ب طوفان الأقصى، مروراً بالتحولات في القارة الأفريقية، تفرض واقعاً جديداً قد يعيد تشكيل النظام الأوروبي برمته. 
هذا التحول القادم لن يكون سهلاً، ولكنه قد يكون الفرصة الوحيدة لإعادة بناء أوروبا على أسس أكثر عدلاً وواقعية تراعي مصالح شعوبها وتستجيب لتطلعاتهم. و تبعدها عن سياسة الهيمنة الصهيونية الامريكية و يجب ان تكون فرصة لخلق بدائل تكون اكثر انصافا لبلادنا و ما حدث مؤخرا في منطقة الساحل دليل على ما قيل انفا

ختاما يمكن ان نخلص انه لا يمكننا  التغافل عن ما يجري حولنا في هذا العالم و خصوصا ما يحصل في الإقليم الذي يحيط بنا 
و من جهة أخرى خلصنا ان الوحدة الوطنية من أهم الثوابت الوطنية التي لا يمكن تحقيق البناء والتقدم إلا بناء عليها، وهذا ما تؤكده تجارب النهضة وبناء الدولة في مختلف النماذج. فالدولة القومية الحديثة التي نشأت في أوروبا منذ قرون، قامت على أساس تثبيت أركان "الوحدة الوطنية" بها، أو ما سمي بالوحدة القومية في حالتها. تؤكد النماذج الأخرى في مختلف القارات، من أمريكا إلى اليابان، ومن الصين والهند إلى المكسيك والبرازيل على ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية وأولوياتها في عملية البناء والتنمية.
ويكتسب مفهوم الوحدة الوطنية أهميته المركزية من علاقته بعدة عمليات مثل بناء الدولة الحديثة، والإصلاح والتطور. وهي العمليات التي تتخذها الدول التي تسعى إلى النهضة والتقدم. ذلك أن الوحدة الوطنية تشكل بنية أساسية لكلا العمليتين في وقت واحد.

وللمحافظة على الوحدة الوطنية يحتاج الأمر إلى العقلانية وتبنى شعارات "الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة"، والتأكيد على أصالة التجربة، وخصوصيتها، التي تدور حول التسامح بيننا كأفراد وجماعات، وغرس حب الوطن ومشاركة المواطن في تطويره والمحافظة على استقراره منذ سنوات الطفولة المبكرة عبر مختلف مؤسسات التنشئة كالأسرة وما تقدمه من نماذج للإنتماء والولاء، والفكر والممارسة، والمدرسة لما لها من دور هام في تنشئة الأجيال الجديدة على احترام رموز الوطن وتقديسها.