الراصد: لا يزال تضخم أسعار الغذاء المحلية مرتفعاً في مختلف أنحاء العالم. وتظهر المعلومات الخاصة بالفترة بين يوليو/تموز وأكتوبر/تشرين الأول 2022 ارتفاع معدلات التضخم في جميع البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تقريباً؛ إذ سجل 83.3% من البلدان منخفضة الدخل، و93% من الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، و93% من الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل ارتفاعاً في مستويات تضخم تجاوز 5%، ويعاني الكثير منها من تضخم مكون من خانتين. وارتفعت نسبة البلدان المرتفعة الدخل التي شهدت ارتفاع تضخم أسعار المواد الغذائية إلى 85.5%.
وتراجعت مؤشرات أسعار المنتجات الزراعية والحبوب والصادرات الزراعية عما كانت عليه عند إصدار آخر تحديث في 9 نوفمبر/تشرين الثاني. وكانت مؤشرات المنتجات الزراعية والحبوب أقل بنسبة 2%، ومؤشر الصادرات أقل بنسبة 3%. وواصلت أسعار القمح اتجاهها النزولي، إذ انخفضت 8% خلال الفترة نفسها. وأغلقت أسعار الذرة والأرز عند نفس المستوى. وكان متوسط أسعار القمح في نوفمبر/تشرين الثاني أعلى بنسبة 1٪ على أساس سنوي، وأسعار الذرة أعلى بنسبة 17٪، وأسعار الأرز أعلى بنسبة 9٪. وكانت أسعار الذرة أعلى بنسبة 29٪ عما كانت عليه في يناير/كانون الثاني 2021، وأسعار القمح أعلى بنسبة 15٪، وأسعار الأرز أقل بنسبة 14٪. والبلدان الأكثر تضررا تقع في أفريقيا وأمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية وجنوب آسيا وأوروبا وآسيا الوسطى. (انظر بيانات "النشرة الوردية pink sheet" الخاصة بمؤشرات أسعار السلع الأولية الزراعية والسلع الغذائية، التي يتم تحديثها شهرياً).
وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلنت أوكرانيا والأمم المتحدة أن مبادرة حبوب البحر الأسود التي كان من المقرر أن تنتهي في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، سيتم تمديدها لمدة 120 يوما. وعلى الرغم من أن الممر المحمي أتاح زيادة جزئية لشحنات الحبوب من أوكرانيا، فإن صادرات الحبوب لا تزال أقل بكثير من مستوياتها قبل الحرب. ونظرا لأن نقل الحبوب إلى الموانئ أصبح محفوفا بالتحديات اللوجستية وباهظ التكلفة، قام العديد من المزارعين الأوكرانيين بتقليص مساحة المحاصيل مثل القمح الذي قاموا بزرعه بعد بيع محصول العام الماضي بخسارة. وبالمثل، ساعدت مبادرة البحر الأسود على خفض الأسعار العالمية للقمح، لكن تكلفة المواد الغذائية الأساسية المعتمدة على القمح مثل الخبز والمكرونة ستظل مرتفعة بسبب ضعف العملات المحلية وارتفاع أسعار الطاقة، وهو ما يؤثر على النقل والتعبئة.
وتشير تقديرات نشرة آفاق الغذاء الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني إلى أن فاتورة الواردات الغذائية العالمية سترتفع إلى 1.94 تريليون دولار في عام 2022، وهو أعلى مما كان متوقعا من قبل. ويمثل هذا رقما قياسيا، وزيادة بنسبة 10٪ عن المستوى القياسي لعام 2021. ومن المتوقع أن تتباطأ وتيرة الزيادة في الأشهر المقبلة استجابة لارتفاع أسعار الغذاء العالمية وانخفاض قيمة العملات مقابل الدولار الأمريكي، وهو ما من شأنه أن يحد من القوة الشرائية للبلدان المستوردة، ومن ثم يخفض كميات المواد الغذائية المستوردة. ويشكل ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية السبب الرئيسي للزيادة في فاتورة الواردات الغذائية العالمية، التي تمثلها البلدان المرتفعة الدخل في المقام الأول. وعلى الرغم من أن البلدان المرتفعة الدخل تقوم بمعظم فاتورة الواردات العالمية، فإن ارتفاع الأسعار يؤثر بدرجة أكبر على فئات البلدان المعرضة للمعاناة اقتصاديا.
وتتوقع دراسة حديثة لمنظمة التجارة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة أن يستمر نقص الأسمدة حتى عام 2023، مما سيحد من الإنتاج الزراعي ويزيد من انعدام الأمن الغذائي. وستكون هذه الآثار ضارة بشكل خاص بالبلدان الضعيفة المعتمدة على الواردات، وكثير منها في أفريقيا. ووفقا للجمعية الدولية لصناعة الأسمدة، من المتوقع حدوث انخفاضات في استخدام المغذيات الرئيسية الثلاثة في الفترة المتبقية من موسم 2022/2023، وهي النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم. ومن الصعب قياس آثار هذه التخفيضات على الإنتاج. غير أن انخفاض استخدام الفوسفور والبوتاسيوم، إذا اقتصر على موسم واحد، قد لا يؤدي إلى انخفاض كبير في غلة المحاصيل. لكن خفض استخدامات الأسمدة النيتروجينية سيقلل من إنتاج الأغذية وجودتها في عام 2023 وما بعده.
ففي أعقاب اندلاع الحرب في أوكرانيا، تصاعدت السياسات المتصلة بالتجارة التي تفرضها البلدان. وقد تفاقمت أزمة الغذاء العالمية لعدة أسباب منها تزايد عدد القيود المفروضة على تجارة الغذاء التي تضعها البلدان بهدف زيادة الإمدادات المحلية وخفض الأسعار. وحتى 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، طبق 19 بلداً 23 قراراً لحظر على تصدير المواد الغذائية، وطبقت ثمانية بلدان 12 إجراءً للحد من الصادرات.
وقد تسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية في أزمة عالمية تدفع ملايين آخرين إلى الفقر المدقع، مما يفاقم من أزمة الجوع وسوء التغذية. ووفقا لتقرير للبنك الدولي، تسببت جائحة فيروس كورونا في انتكاسة كبيرة في جهود الحد من الفقر في العالم. والآن، أدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة بسبب الصدمات المناخية والصراع إلى توقف الانتعاش.
وسيرتفع على الأرجح عدد من يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد ويحتاجون إلى مساعدة عاجلة إلى 222 مليون شخص في 53 بلدا وإقليما، وذلك وفقا لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي.
ووفقا لوثيقة صادرة عن صندوق النقد الدولي، هناك حاجة إلى إنفاق ما يتراوح بين 5 و7 مليارات دولار أخرى لمساعدة الأسر الأكثر احتياجا في 48 بلدا هي الأكثر تضررا من ارتفاع أسعار واردات المواد الغذائية والأسمدة. وثمة حاجة إلى مبلغ إضافي قدره 50 مليار دولار للقضاء على انعدام الأمن الغذائي الحاد.
تدابير البنك الدولي
في إطار استجابة عالمية شاملة لأزمة الأمن الغذائي القائمة، تتيح مجموعة البنك الدولي ما يصل إلى 30 مليار دولار على مدى 15 شهراً في مجالات مثل الزراعة والتغذية والحماية الاجتماعية والمياه والري. وسيشمل هذا التمويل جهوداً لتشجيع إنتاج الأغذية والأسمدة، وتعزيز أنظمة الغذاء، وتسهيل زيادة التجارة، ومساندة الأسر والمنتجين الأكثر احتياجاً.
- يهدف مشروع بقيمة 125 مليون دولار في الأردن إلى تدعيم تنمية قطاع الزراعة من خلال تعزيز قدرته على الصمود في وجه تغير المناخ، وزيادة القدرة التنافسية والشمول، وضمان الأمن الغذائي على المدى المتوسط إلى الطويل.
- مشروع بتكلفة 300 مليون دولار في بوليفيا سيسهم في زيادة الأمن الغذائي، والنفاذ إلى الأسواق، واعتماد ممارسات زراعية مراعية للمناخ.
- قرض بقيمة 315 مليون دولار لمساندة تشاد وغانا وسيراليون لزيادة استعدادها لمواجهة انعدام الأمن الغذائي وتحسين قدرة أنظمتها الغذائية على الصمود في وجه التحديات.
- مشروع طارئ لدعم الأمن الغذائي والقدرة على الصمود بقيمة 500 مليون دولار لتعزيز جهود مصر لضمان استمرار حصول الأسر الفقيرة والأكثر احتياجاً على الخبز، والمساعدة في تدعيم قدرة البلاد على الصمود في وجه أزمات الغذاء، ودعم الإصلاحات التي ستساعد على تحسين نواتج التغذية.
- قرض بقيمة 130 مليون دولار لتونس بهدف الحد من تأثير الحرب في أوكرانيا من خلال تمويل واردات القمح الليّن الحيوية وتقديم دعم طارئ لتغطية واردات الشعير لإنتاج الألبان والبذور لصغار المزارعين لموسم الزراعة القادم.
- يساعد برنامج تعزيز قدرة أنظمة الغذاء على الصمود في شرق أفريقيا والجنوب الأفريقي بتكلفة قدرها 2.3 مليار دولار بلدان المنطقتين على زيادة قدرة نظمها الغذائية على الصمود في وجه التحديات وقدرتها على التصدي لتزايد انعدام الأمن الغذائي. وسيعزز البرنامج أيضاً الاستجابة المشتركة بين الوكالات لأزمة الغذاء، وكذلك الجهود متوسطة وطويلة الأجل لتحقيق الإنتاج الزراعي القادر على الصمود، والتنمية المستدامة للموارد الطبيعية، وتوسيع نطاق النفاذ إلى الأسواق، وزيادة التركيز على قدرة أنظمة الغذاء على الصمود في وجه الصدمات في وضع السياسات.
وفي مايو/أيار، شاركت مجموعة البنك الدولي ورئاسة مجموعة السبع في اجتماع التحالف العالمي للأمن الغذائي بهدف تحفيز الاستجابة الفورية والمنسقة لمواجهة أزمة الجوع العالمية المتواصلة. وقد أعد التحالف لوحة البيانات العالمية للأمن الغذائي والتغذوي التي يسهل الوصول إليها للجمهور، والتي تتيح معلومات في الوقت المناسب لصانعي القرار على الصعيدين العالمي والمحلي للمساعدة في تحسين تنسيق السياسات والاستجابة المالية لأزمة الغذاء.
وأصدر رؤساء منظمة الأغذية والزراعة وصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة التجارة العالمية بيانا مشتركا ثانيا بشأن الأزمة العالمية للأمن الغذائي والتغذية، يشير إلى إحراز تقدم كبير في المجالات الرئيسية الأربعة: تقديم الدعم الفوري للفئات الضعيفة، وتيسير التجارة والإمدادات الدولية من الأغذية، وتعزيز الإنتاج، والاستثمار في الزراعة القادرة على الصمود أمام تغير المناخ.