الراصد: تحتاج ملفات منطقة الساحل الأفريقي المعقدة التي يعتبرها الكثيرون قنبلة مؤقتة تهدد العالم، لمن يقرأها القراءة الصحيحة، فقد تعقدت هذه الملفات كثيرا في الآونة الأخيرة بعد أن حدثت القطيعة بين باماكو وباريس، وبعد أن حشرت روسيا أنفها في عمق هذا الشأن.
في هذا الحوار مع ذ/ المختار آبكه رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية بمنطقة الساحل، قراءة وتشخيص لواقع منطقة الساحل التي تنشط فيها الحركات الجهادية المسلحة، والتي تتصارع فيها القوى الكبرى، لما تحويه سباسبها وسهولها من معادن ومناجم، ولأنها المنطقة المفضلة التي اتخذها تنظيم «القاعدة» مركزا للتخفي والنشاط، ومجالا لمبارزة جيوش الغرب والشرق. وهذا نص الحوار:
○ بصفتكم رئيسًا لمركز الدراسات الاستراتيجية بمنطقة الساحل، ما هو تحليلكم لأوضاع المنطقة بعد التطورات التي شهدتها مؤخرا ؟ وهل تعتقدون انها تتجه للعودة لأوضاعها عام 2012؟
•مع السنوات الأولى لاستقلال دولة مالي وما صاحبها، من أحداث وتطورات شكلت أول اختبار حقيقي كشف عن مدى هشاشة وتهافت النظام الحاكم في الدولة الوليدة آنذاك.
ففي عام 1963 انطلقت الشرارة الأولى لما يسمى ثورة أزواد، وبانطلاقها تآكلت مصداقية النخبة السياسية المالية خاصة أبناء الجنوب، إذ ظهرت بينهم حالة غير مسبوقة من الاصطفاف العرقي لم تحسم دستوريا في الوقت المناسب.
وظل إقليم أزواد يئن تحت وطأة الفقر والتهميش وظل التململ والتمرد هو ديدن أبناء الإقليم حتى انتفاضة 1990 التي سالت فيها دماء كثيرة حيث قتل آلاف الأزواديين ثم ثورة 2006 التي لم تندمل جراحها بعد.
وكانت نتيجة هذه الأزمات المتكررة وسقوط نظام القذافي في ليبيا وانتشار الأسلحة وتصاعد وتيرة نشاط مافيا تهريب السلاح والمخدرات والبشر، هي سيطرة حركات «جهادية « متطرفة كتنظيم القاعدة وملحقاتها على المنطقة وتوسيع نطاق نفوذها وإقامة ملاذات آمنة خارج سيطرة الحكومات المركزية.
وأدت سيطرة تلك الحركات المتطرفة إلى تنادي الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا لتقديم يد المساعدة في مكافحة تلك الحركات وهو ما لم توفق فيه.
وتم توقيع اتفاق الجزائر عام 2015 وظلت الحكومات المالية المتعاقبة تتقاعس عن تنفيذه حتى أصبحت الحركات الموقعة له أو بعضها على الأصح يفكر في العودة إلى حمل السلاح لاسيما بعد أن تأخرت عملية الاندماج التي كان يعول عليها الأزواديون في امتصاص المقاتلين أصبحت صعبة في صالح المؤهلين لها عند توقيع الاتفاق.
ومع إعلان باريس عن انسحابها أو على الأصح طرد السلطات في باماكو لها ودخول موسكو للحلبة، فلا استبعد العودة إلى المربع الأول وانتفاضة جديدة لساكنة اقليم أزواد مدفوعين بخيبة الأمل وبدعم غربي تقوده فرنسا، كما ستصعد الحركات «الجهادية» من أنشطتها في ظل تلك الانتفاضة، لتعيد سيطرتها على جل الأراضي المالية كما حدث عام 2012 وإن كانت السلطات المالية تعول على موسكو حليفها الجديد.
○ الحالة الأمنية بين موريتانيا ومالي تشهد تدهورا غير مسبوق، ما هي نظرتكم لمستقبل الأوضاع في المنطقة الحدودية؟
•إن وجود الثلاثي الإرهاب والتهريب والمخدرات، واعتبار الحدود الموريتانية المالية مرتكزا لنشاط هذا الثلاثي، جعل المنطقة خطيرة، ومع تصاعد وتيرة العنف فيها وخروج أحد أهم اللاعبين من المسرح (فرنسا) ودخول لاعب آخر يحسب له حسابه (روسيا) وتلكؤ باماكو في تنفيذ اتفاق الجزائر، كل هذه العوامل مجتمعة تجعل الحالة الأمنية على حدود تمتد على طول 2300 كيلومتر، أمرا يستحيل ضبطه ويتطلب الهدوء والحكمة والحزم في كل قرار يتخذ بشأنه.
ومع الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة من قتل واختفاء لمواطنين موريتانيين من طرف عناصر يلبسون الزي العسكري للجيش المالي ويرافقهم رجال سحناتهم بيضاء، تصاعد التوتر بين البلدين مما أرغم سلطات باماكو على أن تعمل ما بوسعها لتلافي كارثة انضمام موريتانيا لمقاطعي مالي.
وحسب المعلومات المتداولة فإنه بعد فتح القضاء العسكري المالي لتحقيق حول الموضوع تم التوصل إلى مشتبه بهم في تنفيذ العملية الإجرامية ضد الموريتانيين في المرة الأولى، وهم عسكريون ماليون بالفعل نفذوا جرمهم بدون العودة لقيادتهم، وتم اعتقالهم واخراجهم من دائرة الفعل لكن السلطات الموريتانية لا ترى في ذلك استجابة لطلبها الذي قدمته لسلطات باماكو في كانون الثاني/يناير المنصرم.
لكن نواكشوط تفهمت موقف باماكو، وسكتت على مضض عما جرى، وكان تفهما منطقيا وسكوتا مقبولا، فهي تعرف تمام المعرفة أن السلطات المالية الرسمية بريئة تماما من أي عمل يستهدف موريتانيا، لكن ضغط الرأي العام المحلي كان قويا، وكان لا بد من حركة تمتص هذا الغضب فكان إرسال الوفد الرفيع آنذاك إلى باماكو.
وقبل أن يستفيق الجانبان من هول الصدمة كانت هناك ضربة أخرى في الانتظار، وهذه المرة أراد منفذوها ان تكون قاضية، وأن تدق آخر مسمار في نعش العلاقات الموريتانية المالية بشكل نهائي.
لكن السلطات الموريتانية مصممة على عدم الانجراف في التصعيد ضد مالي وخنقها بإغلاق المتنفس الوحيد لها فاستقبلت وفدا ماليا رفيع المستوى وتوصلت معه إلى اتفاق يقضي بتسيير دوريات مشتركة بين الجيشين على الحدود ومعاقبة مرتكبي الجرائم البشعة ضد المواطنين الموريتانيين، وتشكيل بعثة مشتركة لتقصي الحقائق.
كل هذه النقاط سالفة الذكر ستساعد في ضبط الحدود بين البلدين وعلى الاستقرار في المنطقة مستقبلا.
○ لكن من يقف وراء التأجيج بين مالي وموريتانيا ؟
•عند حدوث أي جريمة يطرح سؤال بديهي وهو من المستفيد؟ والجواب هنا واضح، فالمستفيد بالتأكيد ليس ماليا ولا موريتانيا. بترتيب الأحداث والربط بينها تتضح الأمور أكثر ونقترب من الجواب على سؤالكم.
فقد وقعت هذه الجرائم النكراء على الحدود الموريتانية المالية وحتى اللحظة لم يسفر التحقيق فيها عن نتائج مقبولة لدى سلطات نواكشوط، ومن المستغرب أن كل هذه الحوادث تقع بعد القيام بنشاط يشير إلى التقارب المالي الموريتاني: فالحادثة الأولى حدثت 17 كانون الثاني/يناير 2022 يوما واحدا بعد زيارة وفد مالي رفيع المستوى إلى نواكشوط وإعلان نواكشوط عن فتح موانئها أمام واردات وصادرات مالي، والحدث الثاني وقع في الخامس اذار/مارس يوم وصول 57 شاحنة مالية محملة بالقطن إلى ميناء نواكشوط قادمة من باماكو ومتجهة إلى الدول الأوروبية.
نستنتج من هذا أن هناك أيدي خفية تقوم بهذه الأعمال الإجرامية من أجل أن تلجأ موريتانيا تحت الضغط الشعبي إلى إغلاق الحدود بين البلدين وتخنق الشعب المالي فيثور فيحدث انقلاب جديد.
وحسب اعتقادي حتى اللحظة فإن باريس واستخباراتها، وبعض الدول المجاورة لمالي الأعضاء في المنظمة الاقتصادية لغرب افريقيا «أكواس» غير بعيدة مما جرى على الحدود بين مالي وموريتانيا، وهناك محاولة تلبيس الجرم، للجيش المالي وشركة «فاغنر» الروسية مستخدمين في ذلك دعاية الإعلام الفرنسي لإقناع الرأي العام الموريتاني والدولي بذلك.
○ ماذا عن المتاركة بين موريتانيا والمجموعات المسلحة؟ وهل هذه المتاركة مهددة بتطور الأوضاع في مالي وما حولها؟
•بعد إعلان موريتانيا ومالي عن تسيير دوريات مشتركة على الحدود بين البلدين، واحتمال وقوع مناوشات وربما معارك بين عناصر البلدين والمجموعات المسلحة المتمركزة في غابة وغادو، فسيكون ذلك دقا لآخر مسمار في نعش سياسة المتاركة التي استمرت بين الجيش الموريتاني وهذه الحركات على مدى عقد من الزمن.
فبمجرد المواجهة بينهما ستكون الأراضي الموريتانية مسرحا لعمليات الجماعات «الجهادية» خاصة أن قائد العمليات في منطقة غابة وغادو الحدودية في جماعة نصرة الإسلام والمسلمين موريتاني يدعى «أبوعلي الشنقيطي» ولن يتقاعس عن المواجهة مع جيش بلاده.
فالمتاركة بين موريتانيا وهذه الحركات هشة اليوم، وستتهاوى مع إطلاق الرصاصات الأولى بين عناصر الدوريات المشتركة وهذه الحركات.
○ ما هي في نظركم العوامل التي إذا تجمعت، استقر الساحل، وزال الخطر المحدق؟
•لن تنعم دول الساحل بالهدوء حتى يتحقق الاستقرار في ليبيا وتخرج فرنسا من المنطقة. كما يشكل ضعف جيوش بعض دول المنطقة وعدم حصولها على الدعم الكافي، عاملا أساسيا في تدهور الأمن في الساحل.
وبالنسبة لمالي خصوصا، إذا لم يتم تطبيق بنود اتفاق الجزائر وتقوم الحكومة المالية بتسريع وتيرة دمج عناصر الحركات الأزوادية في الجيش والذي تأخر سبع سنوات فلن تستقر الأمور فيها.
كما أن فتح مفاوضات حقيقية بين الحكومة المركزية وكل من إياد آغ غالي وأحمد كوفا القائدين لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين وجبهة تحرير ماسينا سيؤدي إلى هدوء الوضع نسبيا في اقليم أزواد.
○ كيف ترون الوضع في ليبيا وانعكاساته على الساحل؟
•على مدار أكثر من إحدى عشرة سنة، ومنذ اندلاع الثورة الليبية في 17 شباط/فبراير 2011 تدور الأزمة الحالكة التي تعانيها الدولة الليبية في مختلف مناحي الحياة.
ومع توالي تطورات هذه الثورة، وانتقال حالة الارتباك التي اتسم بها المشهد الليبي إلى دول الجوار، حيث كان لدول الساحل وبخاصة مالي والنيجر وتشاد، نصيب الأسد من هذا الارتباك وفي حالة عدم الاستقرار، فقد أدى الانفلات الأمني وانتشار السلاح وتفكك الجيش الليبي إلى حالة من الفوضى الأمنية التي عاشتها دول الساحل وازدياد غير مسبوق لأنشطة الجماعات «الجهادية» التي جعلت من هذه المنطقة فناء خلفيًا لأنشطتها في منطقة الساحل والصحراء.
كذلك تشهد الحدود الجنوبية لليبيا انفلاتًا أمنيًا منذ عام 2011 وانتشارًا لظاهرة تهريب البشر والمهاجرين وتهريب الوقود، إضافةً إلى تهريب الأسلحة والمخدرات.
ومع عودة المقاتلين الذين حاربوا إلى جانب القذافي وانتشار الأسلحة التي كانت جزءا من ترسانة القذافي، والتي وصلت وفق بعض التقديرات إلى أربع عشرة دولة أفريقية، وبلغت ما يقرب من 45 مليون قطعة سلاح، تأججت الصراعات في العديد من الدول، بجانب صعود الجماعات الإرهابية في شمال مالي، والتي تلقت الدعم من نظيراتها في ليبيا.
واتجهت تشاد إلى تبني مجموعة من الاحتياطات الأمنية على حدودها، وبحصول الجماعات «الجهادية» والمعارضة السياسية فيها على الأسلحة الليبية استطاعت أن تقتل الرئيس التشادي الراحل ادريس ديبي.
ولذا فإن الوضع في ليبيا بعد مقتل العقيد القذافي وتلاشي نظامه، ساعد كثيرا في التوتر وعدم الاستقرار الذي تشهده دول الساحل.
○ إلى أين تتجه مجموعة دول الساحل الخمس: هل تتجه وهي التي تتحكم فيها فرنسا إلى حد كبير، نحو الحل، أم للتوسع بدون مالي، أم لمجموعة تقتصر على موريتانيا والنيجر والتشاد؟
•مجموعة دول الساحل الخمس G5 SAHEL تجمع إقليمي يضم موريتانيا وبوركينا فاسو ومالي وتشاد والنيجر، وقد تم تشكيله من أجل التنسيق والتعاون ومواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية الكبيرة التي تواجهها هذه الدول، ولجذب التمويلات واستقطاب الاستثمارات الأجنبية لتحقيق التنمية وخلق فرص العمل وإقامة البنى التحتية اللازمة للنهوض بأعضائها.
ولكن حالة من الغموض تسود مستقبل هذه المجموعة منذ استيلاء العسكر على كرسي الحكم في دولتين عضوين فيها هما مالي وبوركينا فاسو، وإصرار المجلس العسكري الحاكم في باماكو على التمسك بالسلطة خمس سنوات يتم بعدها إجراء انتخابات، ثم فرض حصار على مالي من قبل مجموعة «أكواس» ومشاركة النيجر فيه، وقبل ذلك مقتل الرئيس التشادي ادريس ديبي الذي كان له دور بارز في التجمع.
وتشهد عدد من الدول الأعضاء في هذه المجموعة، خصوصا مالي وبوركينافاسو والنيجر، تصاعدا لتهديد المنظمات الإرهابية كتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، و«القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي» و«بوكو حرام» فيما يرى متابعون للشأن الأفريقي أن انتشار الفقر والاضطرابات السياسية في عدد من دول المجموعة يشكل بيئة مناسبة للانقلابات والاضطرابات الاجتماعية.
ومن المعروف أن مجموعة دول الساحل الخمس هي فكرة من إيحاء باريس لحلفائها في المنطقة من أجل البحث عن حلول تخرجها من ورطتها في الأزمة السياسية والأمنية في مالي، والتي كبدتها خسائر فادح؛ وبعد غضب باريس حاليا على باماكو واستقواء الأخيرة بموسكو ستشل ديناميكية هذه المجموعة بدون شك.
○ وسعت الحركات الجهادية من فضاءات تحركها نحو الدول المطلة على خليج غينيا، ما هي مخاطر هذا التمدد؟ وهل تملك الحركات الجهادية ما يلزم من وسائل لتوسيع ثابت لنشاطاتها؟
•إن المتابع لمسار نشاطات الجماعات «الجهادية» في الدول المطلة على خليج غينيا يكتشف أنها نتاج وامتداد لحركات انطلقت من الجزائر خلال فترة التسعينات، لكنها بعدما خسرت معركتها مع الجيش الجزائري نهاية القرن الماضي، حاولت أن تجد موطئ قدم لها في موريتانيا، ولما فشلت لجأت إلى إقليم أزواد شمال مالي. ومن بين دول خليج غينيا الرئيسية المستهدفة من طرف الجماعات «الجهادية» بنين، وساحل العاج، وغانا، وغينيا، توغو، وتعد كل من بنين وتوغو الحلقة الأضعف بين هذه الدول.
ويركز تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مشروع توسعه في خليج غينيا على معاقله في بوركينافاسو، للتسلل نحو بنين عبر حدودها الشمالية، كما يسعى صنوه تنظيم بوكو حرام للهجوم على بنين أيضا عبر حدودها الشرقية مع نيجيريا.
أما جماعة بوكو حرام، فقد انتقلت للنشاط في مناطق متفرقة بينها منطقة الشمال الأوسط لنيجيريا على الحدود مع بنين، بعد خسارتها لمعظم معاقلها في غابة سام بيسا وبحيرة تشاد، شمال شرقي نيجيريا، خلال المواجهات الدامية مع تنظيم داعش غرب أفريقيا.
ويعكس مشاركة بنين في التحالف الإقليمي الخماسي لمكافحة الجماعات «الجهادية» قلقها المبكر من خطر تمدد الجماعات المسلحة إلى أراضيها، ولكن هذا التهديد أصبح يطرق بابها بصورة مباشرة.
كما أن هناك جماعات مسلحة تنشط في شمال غرب نيجيريا بالقرب من الحدود الشرقية لبنين، على غرار جماعة «أنصاره» المقربة من القاعدة، والمتحالفة مع عصابات محلية في المنطقة، والتي تشكل هي الأخرى تهديدا على هذه الدولة الصغيرة الواقعة في خليج غينيا.
أما «داعش» فيتمركز تنظيمه في منطقة الحدود الثلاثية بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، لكن نشاطه يميل للانحراف نحو الشرق باتجاه بحيرة تشاد، أكثر من اهتمامه بالتوسع نحو غرب نيجيريا باتجاه خليج غينيا.
والوضع في خليج غينيا ينبئ بمخاطر عديدة، خاصة أن القاعدة وداعش وبوكو حرام، تستهدف الجيوش الصغيرة والمناطق الفقيرة، وتجيد لعبة التحالفات مع عصابات التهريب والاختطاف والسرقة، بل وحتى مع التجمعات القبلية المهمشة.
وهذا الوضع يجبر دول خليج غينيا على الاستعداد للمرحلة المقبلة أمنيا واجتماعيا وسياسيا، ويفرض عليها أن تأخذ بعين الاعتبار تجارب الدول التي سبقتها في مكافحة الإرهاب كالجزائر وموريتانيا، مع متابعة التطورات في دول الساحل وتحالف بحيرة تشاد.
○ كيف تقيمون السياسة الأمنية والدفاعية لنظام الرئيس الغزواني؟
•ظل الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني ممسكا بقيادة الجيش الموريتاني لعقد من الزمن بوصفه قائدا لأركان الجيوش، ثم وزيرا للدفاع ولذا فهو خبير بالشؤون العسكرية للبلد؛ وقد وضع مقاربة شمولية لمكافحة الإرهاب ومختلف أشكال الغلو والتطرف تعتمد على مبدأ الحوار الفكري إلى جانب مراعاة الأبعاد الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وقد آتت هذه السياسة أكلها حيث لم تشهد البلاد أي هجوم من طرف الجهاديين منذ 2011 كما تم إطلاق سراح عدد كبير من السجناء السلفيين بعد مراجعات فكرية أشرف عليها علماء وأئمة؛ واستفاد هؤلاء المسرحون من تمويلات هامة كدعم اقتصادي لهم ليبدأوا حياتهم بشكل طبيعي، مندمجين في المجتمع.
وتعتبر سياسة الرئيس الموريتاني الحالي سياسة ناجعة أمنيا وعسكريا، حسب اعتقادي.
وقد أشاد بعض القادة الغربيين والخبراء الأمنيون بمقاربة موريتانيا في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.