الراصد: يعتبر نظام المراقبة القضائية بحق أحد أهم مستجدات قانون الإجراءات الجنائية الموريتاني الجديد الصادر 2007 ذالك أنه لم يكن معروفا من قبل لا علي مستوي النص التشريعي أو الممارسة القضائية. وقد خصص له المشرع الفرع الأول من القسم السابع من قانون الإجراءات الجنائية الجديد.وذالك في المواد من(123إلي137) وقد حددت المادة 123 مدة الوضع تحت المراقبة القضائية في عشرة أشهر(شهرين قابلة للتجديد خمس مرات) لكن يلاحظ أن المادة المشار إليها سابقا لاتحدد جزاء خرق المدة وكان حريا بالمشرع أن يحدد الجزاء في بطلان الإجراء أوالحق في المطالبة بالتعويض للمتهم باعتبار أن إجراء الوضع تحت المراقبة يمس حقا من حقوق الإنسان المتمثل في حق التنقل والتصرف في الأموال الخاصة.
وقد عددت المادة 124 من قانون الاجراءات الجنائية التدابير والإلتزانات التي يخضع لها المتهم والتي تدخل في نطاق الأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية الصادرمن طرف قاضي التحقيق وأوضحت أن هذ الأخير بإ مكانه وتبعا لسلطته التقديرية ورغبة في ضمان حضور المتهم إتخاذ أي واحد أو أكثر من هذه التدابير في مواجهة الشخص المراد وضعه تحت المراقبة القضائية كإجراء بديل لإعتقاله وهي ثمانية عشر تدبيرا :
1ــ عدم مغادرة الحدود الترابية المحددة من طرف قاضي التحقيق.
2ــ عدم التغيب عن المنزل أو السكن المحدد من طرف قاضي التحقيق إلا وفق الشروط والأسباب التي يحددها القاضي المذكور
3ــ عدم التردد علي بعض الأماكن التي يحددها قاضي التحقيق
4ــ إشعار قاضي التحقيق بأي تنقل خارج الحدود المعينة .
5ــ التقدم بصفة دورية أمام المصالح والسلطات المعينة من طرف قاضي التحقيق.
6ــ الاستجابة اللاستدعاءات الموجهة إلي الخاضع للمراقبة من أي سلطة أو أي شخص مؤهل ومعين من طرف القاضي
7ــ الخضوع لتدابير المراقبة المتعلقة بالنشاط المهني أو حول مثابرته علي تعليم معين,
8ــ إغلاق الحدود
9ــ تقديم الوثائق المتعلقة بالهوية لاسيما جواز السفر إما لكتابة الضبط,أو لمصلحة الشرطة أو الدرك مقابل وصل.
10ــ المنع من سياقة جميع الناقلات أوبعضها أوتسليم رخصة السياقة لكتابة الضبط مقابل وصل ويمكن لقاضي التحقيق أن يأذن له باستعمال رخصة السياقة لمزاولة نشاطه المهني
11ــ المنع من الإتصال ببعض الأشخاص المحددين علي وجه الخصوص من طرف قاضي التحقيق ,
12ــ الخضوع لتدابير الفحص والعلاج أولنظام الاستشفاء سيما من أجل إزالة التسمم,
13ــ إيداع كفالة مالية يحدد قاضي التحقيق مبلغها وأجل أدائها مع الأخذ بعين الإعتبار الحالة المادية للمعني بالأمر.
14ــ عدم مزاولة بعض الأنشطة ذات طبيعة مهنية أو إجتماعية أوتجارية ماعدا المهام الإنتخابية أوالنقابية....
15ــ عدم إصدار الشيكات
16ــ عدم حيازة الأسلحة وتسليمها إلي المصالح الأمنية المختصة مقابل وصل,
17ــ تقديم ضمانات شخصية أو عينية يحددها قاضي التحقيق تستهدف ضمان حقوق الضحية.
18ــ إثبات مساهمة المتهم في التحملات العائلية أوأنه يؤدي بانتظام النفقة المحكوم بها عليه.
وإذاكانت التجربة الحديثة لنظام الوضع تحت المراقبة القضائية ببلادنا لاتسمح بتقييم واقعي لحصيلتة علي المستوي التطبيقي فما من شك في أن هذه التجربة ستكون إيجابية لا محالة في المستقبل بفضل مجموعة التدابير والمراقبة التي يخضع لها المتهم الخاضع لنظام المراقبة القضائية, وإذاكان المشرع الموريتاني قد وضع بين يدي قاضي التحقيق إمكانيات وآليات بديلة للحبس لإحتياطي ,فا لمفروض أن يستغلها ويستثمرها هذ الأخير بحيث لا يلجأ إلي الحبس الإحتياطي إلا إذا تعذر فعلا تطبيق الوضع تحت المراقبة القضائية هذا مع إستحضاره دوما مبدأ البراءة هي الأصل والتي جاء بها القانون الجديد في مادته التمهيدية كما عليه أي قاضي التحقيق أن لا يلجأ في أغلب الأحوال إلي الكفالة المالية وكأنها البديل العملي للحبس الإحتياطي والحال أنها ليست سوي إمتياز طبقي لفئة من المتهمين الميسورين
فالعدالة الإجتماعية والقانونية تقتضي لجوء قاضي التحقيق إلي مختلف التدابير الأخري التي وضعها القانون بين يديه والتي تكتسي طبيعة رقابية تقويمية وتأهيلية لما يترتب عن تطبيقها من نتائج إيجابية تعود بالنفع علي المتهم والمجتمع ككل.
وفي الأخير يبقي التأكيد علي أن العمل بالبدائل سواء تعلق الأمر بالدعوي العمومية أوالحبس الإحتياطي بات اليوم ـ أكثر من أي وقت مضي ـ أمرا ملحا وضرورة إنسانية لا مناص منها لأي دولة تسعي لأن تكون دولة عدالة وقانون وتنخرط بثبات وعزيمة في مسار احترام وصون حقوق الانسان, وفي هذا الصدد فإننا نقترح أن تعقد لقاءات وأيام دراسية ودورات تكوينية ,تساعد قضاة التحقيق ومعهم قضاة النيابة العامة علي تفعيل البدائل وخاصة التدابير البديلة للحبس الاحتياطي وعدم الغلو والشطط في اللجوء إليه حتي لا ينقلب من مجرد إجراء وقائي إلي عقاب إحتياطي يضرب في الصميم مبدأالأصل براءة المتهم.
* هذا المقال مقتطف من بحث سابق كنا اعددناه عن البدائل في القانون الجنائي الموريتاني
القاضي أحمد ولد البو