تفاقم أزمة المحروقات في موريتانيا ... تنذر بكارثة لحقيقية ( وثـائــــق رسمية)

خميس, 17/02/2022 - 21:12

الراصد : يعيش قطاع التزويد بالمحروقات في موريتانيا أزمة خطيرة، تتفاقم يوما بعد يوم، وتنذر بنهاية كارثية قد تؤدي إلى عواقب وخيمة على أنشطة الاقتصادي الوطني، في المجالين؛ البحري والبري.
ذلك أن استمرار الوضعية الكارثية الحالية لقطاع Bunkernig قد تؤدي قريبا إلى انهيار قطاع الصيد الذي يعتمد بشكل كامل على التزويد بالوقود في أعالي البحار، حيث تقوم حاليا شركة واحدة وهي SK بتوريد المحروقات للسفن العاملة في هذا القطاع، وهو ما يفتح المجال أمام التلاعب بالأسعار وتردي الخدمات، مثلما وقع خلال السنة الماضية، حين اشتكت اتحادية الصيد من الارتفاع الصاروخي لأسعار المحروقات، بسبب احتكار شركة "ADDAX ENERGY" آنذاك لرخصة التوريد.
كما أن الشركات العاملة في تطوير حقل آحميم الكبير والتنقيب عن النفط والغاز في المياه الموريتانية، والتي تعتمد كذلك على التزويد بالمحروقات في قطاع Bunkering، أصبحت مجبرة على التزود بالمحروقات من الجانب السنغالي أو من المنطقة الدولية، لاستفادة من تنافسية الأسعار وجودة الخدمات، وهو ما يشكل خسارة كبيرة للاقتصاد الوطني من حيث ضياع العائدات الضريبية التي تقدر بملايين الدولارات.

*أزمة تحديث الإطار القانوني*  :

يعود أبرز أسباب تفاقم هذه الأزمة إلى عدم تحديث الإطار القانوني المنظم للقطاع، حيث تصر اللجنة الوطنية للمحروقات على استخدام نصوص قانونية قديمة، تقوم على اعتماد نظام الرخصة للشركات الأجنبية بدل تحرير القطاع أمام كافة المساهمين وفتح المجال للشركات الوطنية للمشاركة فيه.
وقد أثبت هذا النظام الجديد نجاحا كبيرا في الجانب السنغالي والمغربي على حد سواء، حيث يشارك الفاعلون الوطنيون في نشاط قطاع Bunkering دون التعاون مع الشركات الأجنبية، وهو ما يساهم في تخفيض الأسعار وتحسين الخدمات من جهة، وتحفيز القطاع الخاص وتحسين العائدات الاقتصادية من جهة أخرى.
وتعتبر هذه الأزمة تجليا لما تحدث عنه الوزير الأول من اختلال الإدارة وكسل الموظفين العموميين، حيث يعجز الطاقم الفني في اللجنة الوطنية للمحروقات حاليا عن مراجعة وتحديث الأنظمة القانونية ودفاتر التحملات، متمسكين بنصوص قديمة تعود إلى ما قبل 10 سنوات من الآن.

*أزمة التلاعب بالمصالح العامة* :

ويعود أبرز أسباب هذه الأزمة، مثل غيرها من عوائق التنمية في البلاد، إلى التلاعب بالمصالح العامة لحساب المصالح الشخصية، حيث سادت المحسوبية والزبونية في هذا القطاع بدل الاعتماد على الشفافية ووضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار.
ويتجلى هذا التلاعب في رفض تحديث النصوص القانونية المسيرة للقطاع، واعتماد نصوص قديمة لم تعد ملائمة للأوضاع الحالية للسوق الوطنية والدولية، وذلك نزولا عند رغبة بعض الأشخاص النافذين في اللجنة الوطنية للمحروقات.
كما يتجلى هذا التلاعب في عودة الشركة الحالية المزودة لقطاع Bunkering إلى موريتانيا SK، دون إجراء مناقصة، وذلك رغم امتناعها عن دفع الضرائب المستحقة عليها خلال عام 2017، والتي تقدر بـ 200 مليون أوقية، دون احتساب الضرائب المستحقة خلال الأعوام 2018 و2019 و2020.

*إلى أين؟*

مع استمرار هذه الوضعية الكارثية لقطاع Bunkering والتزود بالمحروقات في موريتانيا بشكل عام، تلوح في الأفق عدة سيناريوهات خطيرة على الأنشطة الاقتصادية والحياة اليومية للمواطنين بسبب غلاء أسعار المحروقات.
ولمواجهة هذه السيناريوهات يجب على الحكومة أن تقوم بتحرك عاجل لوضع حد لتفاقم هذه الأزمة من خلال تصحيح المسار داخل المؤسسات المشرفة على تسيير هذا القطاع وتحديث الأطر القانونية المنظمة له، بالإضافة إلى فتح المجال أمام كافة الفاعلين الوطنيين الراغبين في المشاركة في هذه القطاع الحيوي.
كما يجب أن تتم معالجة هذه الوضعية في إطار معالجة الأزمة الإدارية التي أعلن عنها الوزير الأول، حيث يتعين على الطاقم الفني في لجنة المحروقات بذل مزيد من الجهود لتحديث دفاتر التحملات لكي تلائم المتطلبات الحديثة للسوق. 
وبدون معالجة هذه الأزمة بشكل جذري، فإن كافة الحلول الجزئية ستظل بدون فائدة، لأنها لن تستأصل كل العوامل من جذورها، وكما يقال فإن تكرار نفس الوسائل مع توقع الوصول إلى نتائج مختلفة هو الغباء بعينه.
من صفحة المدون / عبد الله سالم أحمدو .