أنْ تكونَ "امْعَلَّمْ":"لمْعَلْمِينْ" سادة العمل وممتهني الجمال...

ثلاثاء, 23/11/2021 - 13:06

الراصد: ... مِثلَ حدّادِينَ مُمْتازين، تَجعلُ من حديدٍ تافهٍ قمراً.
محمود درويش

1- ما ينقصنا عن التقدم هو أن يمتلك كلٌ مِنّا "زبرةً" (سِنْداناً)، إنْ لم يكن بمعناها المادي فبمعناها المعنوي. 
ما ينقص كل واحد منا هو أن يكون "أمعلم" أو أن يكون بداخله "امعلم"..

2- أن تكون امعلم يعني أنك تقتفي أثر أنبياء عظام وصحابة كبار، يعني أنك تلميذ النبي داوود عليه السلام والصحبي السابق للإسلام خباب رضي الله عنه، وغيرهما كثير في هذا المجال..

3- تعني النقطة (2) أنْ تفهم فِعْلَ الاستخلاف في الأرض، وأنك تحقق الشرط البشري الأول "العمل"، والشرط الماركسي، والشرط الفيبري... الخ. 
في نظرية الفيلسوف هيغل عن تاريخ البشرية نقطة مهمة في هذا المجال تقول: لقد استطاع المنهزمون الأوائل أن يكونوا منتصرين في النهاية فقط عن طريق العمل، فإذا كانت هزيمتهم قد نقصت من اعتبارهم لأنفسهم، فإن العمل هو ما ردّ لهم ذلك الاعتبار وجعلهم سادة في النهاية..

4- تقول الفلسفة إن "الذّات" لا تكتمل إلا بالعمل.. جميلٌ أن نقوم باستحضار ذلك مع بعض المجاز في ثقافتنا التقليدية التي تقول "زين الذات ياسر فلمعلمين.."
-علاقةٌ قويةٌ بين جمال "لمعلمين" وجمال صناعتهم.

5- أن تكون "امعلم" يعني أنّ لك نظرة فنّان، والفن هو في "أصل الثقافة البشرية"،  يعني أنك تمتهن الجمال، والجمال يقترن دائما بالحق والخير، لذلك يُقِيمُ كل نسق فلسفي نظرية خاصة به في الجمال (محاورة هيبياس مثلا عند افلاطون أو "الاستطيقا" في الفلسفات الحديثة وعلم الجمال).
-أن تكون امعلم يعني أنك صانع الجمال الموريتاني، الحنة، الدگ، لحفول... الخ

6- أن تكون "امعلم" تعني من بين ما تعني أنك من القِلّة التي ظلت صامدةً محافظةً على إرث موريتانيا الفني والجمالي. ويعني أن كل المجتمع بحاجة إليك (في أقدس المناسبات الاجتماعية لدينا، الأعراس مثلا)..

7- سوسيولوجياً، أنْ تكون "امعلم" يعني أنك تنتمي الى الشريحة الاجتماعية التي تسجل أقل مستويات الانحراف والاجرام في موريتانيا، ومن أكثرها أنشغالا بما هو نافعٌ و يمكثُ في الأرض..

8- لِنَكُنْ "امعلمين"، إنْ لم يكن ب"القُوّة" ف"بالفعل"..

9- النقطة الأهم لديّ هي: 

لقد غَيَّبَ "الفقه التقليدي" لدينا كثيرا نماذج الأنبياء والصحابة "الحدّادين"، بمعنى أنَّ ثقافتنا الفقهية أغفلت  ذلك و كثيرٌ منها وقف في ضده.. أما ثقافتنا التقليدية فتعاملت بِسُخفٍ وتَحاملٍ مع الأمر. كل ذلك جعلنا متخلفين بسبب احتقار العمل اليدوي.

خِتاما: 
نَحْنُ أحوج ما نكون في هذا الزمن المملوء بالبطالة و المعناة أن نحيي تلك النماذج الكبيرة حتى نكون مجتمعا صناعيا، حتى نكون مجتمع "امعلمين"، حتى نتقدم ونزدهر ونقطع مع العقليات البائدة السخيفة.
كَتبتُ هذا المقال قبل سنة تقريبا.