الراصد: كتب الدكتور والمحامي والاستاذ الجامعي معمر محمد سالم على صفحته على الفيسبوك .
قبل الدخول في تفاصيل مشروع القانون، لابد من الإشارة إلى أن الهيبة في إحدى معانيها تعني الحضور الباذج و الآسر، الذي لا يحتاج صاحبه إلى إظهار القوة.
و الدولة عندنا لا نشعر بحضورها - بالمعنى المسرحي- إلا حين يجتمع مجلس الوزراء في موعده الأسبوعي لتدوير أصنام الماضي على حد تعبير عبد القادر المازني، فهذا المجلس سانحة رائعة لتقاسم الكعكعة على هياكل ما قبل الدولة( القبيلة)عبر أدوات الدولة الحديثة التنظيمية(المراسيم، المقررات،القرارات..).
الهيبة و الجلال الذي يترا هو ذلك الذي جسده عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فاستحق مقولة غريمه التاريخية"عدلت فأمنت فنمت".فطوبى لتلك الهيبة.
أولا: حول عرض الأسباب
إن قراءة سريعة لعرض أسباب مشروع القانون تكشف أن واضعه يستدعي نقضيه، فهو يؤسسه على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،الذي يكفل حق التعبير! فكان حريا به أن يستند على تقاليد الأنظمة الملكية الاستبدادية، لا لأي من قيم الحداثة المنبثفة عن مبادئ الثورة الفرنسية.
و الأغرب من الخيال، هو محاولة واضعي المشروع أن يجعلوا من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية تفريشا شرعيا لمشروع القانون المثير، و إن كانت ثمة كلمة محظورة كان ينبغي تحاشيها، فهي ذاك العهد الدولي بالذات، فديباجته تنص على على وجوب المساواة بين البشر و تمتعهم بحقوقهم المدنية و السياسية و وجوب أن يظلوا "متحررين من الخوف و الفاقة".
و هذه المآسي يكتمل عقدها بمجيء "الخوف"، فبعد سنتين من الفاقة و البطالة و غلاء الأسعار و انقطاع الماء و الكهرباء، يأتي التخويف يتهادى، و قديما لم تكن المصائب تأتي فرادى، قال تعالى:" و لنبلونكم بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات و بشر الصابرين" صدق الله العظيم(البقرة الآية:155).
ثانيا:شخص رئيس الجمهورية
ربطت المادة:02 من مشروع القانون بين الدولة و رئيس الجمهورية في استحضار صريح لمقولة لويس الرابع عشر"أنا الدولة و الدولة أنا". فعلى مستوى الصياغة قدمت رئيس الجمهورية على العلم و النشيد!
رئيس الجمهورية -وفقا لمنطق سقراط-شخص، و كل افتراء على شخص أو سبه مجرم و معاقب بالمادة:348 من القانون الجنائي،فإذًا سب رئيس الجمهورية مجرم و معاقب، لذلك لا حاجة للنص لأن دواعيه التي هي فراغ التجريم منتفية.
أما المواد من 3- حتى 6 فهي تعاقب أفعالا معاقبة بالقانونين 023/ 2018 المتعلق بتجريم التمييز و القانون رقم:007/2016 المتعلق بالجريمة السبرانية.
و الطامة الكبرى هي المادة السابعة من مشروع القانون، فهي فقرة لاطائلة من ورائها،فمضمونها هو صريح المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على تحريك الدعوى العمومية عن طريق النيابة العامة أولا أو عن طريق شكاية الطرف المدني ثانيا، و الأصل أن الشكاية ليست شرطا سوى في تحريك جرائم محددة حصرا و في سواها يرجع للنص العام، فلا تقييد للعام إلا بنص خاص كما هو معلوم.