محاضرة الناشطة الحقوقية بنت يسار في ندوة “نستطيع” بمناسبة عيد المرأة

أربعاء, 11/03/2020 - 11:55

الراصد : ان الحديث عن المرأة الموريتانية بصفة عامة هو حديث عن موضوع متشعب ومعقد. لأنه ليس هنالك شيء يمكن ان نطلق عليه المرأة الموريتانية إلا اذا كان ذلك من باب التعميم او التجوز فاختلاف الثقافات له دخل واضح في تحديد سلوك المرأة.

وأود أن أنبه إلى أن هذه الورقة لا تطمح الى ان تكون محاضرة علمية بما تتطلب الصفة من الأكاديمية و البحث المعمق و لنً تكون دراسة سسيولوجية ميدانية بل هي عبارة عن افكار بسيطة تفتح النقاش حول هذا الموضوع المهم والحساس في هذه المناسبة النضالية عن حقوق المرأة وتسلط الضوء على ما تعانيه النساء.
منذ ميلاد المرأة في مجتمعنا تتعرض للكثير من الممارسات التي من شأنها أن تضعها تحت الوصاية وتخضعها للوصاية.
هذه الوصاية جعلت حظوظ النساء في التعليم قليلة جدا مقابل اخوتهن الذكور، في المجتمع لم يكن يسمح للطفلة بتلقي العلوم الدينية كما يتلقاها الاطفال الذكور، وفي مرحلة مبكرة يسمح المجتمع لنفسه من خلال الوصاية بتزويج الطفلة بعد أن تكون أخذت حصتها من التسمين قسرا كلها ممارسات تفرض على المرأة نمطا من العيش محددا.
وتعمل التربية والتنشئة في المجتمع على جعل المرأة الحلقة الادنى والاضعف حتى وإن استطاعت هذه المرأة أن تكون معيلة الزوج والابن والأخ فإنها تكون تحت وصايته وتحكمه بفعل عقليات المجتمع التي تحكي في القول المأثور ” الله لا جعلتني لحمة بلا عظم” كاختصار لواقع مشؤوم تعيشه المرأة في غياب الرجل!
وتتجذر الوصاية الممارسة على النساء هنا في عقليات المجتمع ونظرته اتجاهها ويترجمها العادات والتقاليد السائدة وتبررها السلطة الدينية.
اضافة لخطابات تقمع المرأة وتفرض عليها خيارات محددة وتضيق المجال المسموح للمرأة بالتحرك فيه “المرأة من ببتها الى قبرها. والحرة لا تسري ولا ترفع صوتها ولو بذكر الله..

هذه الوصاية التي تتخذ سبلا واشكالا عدة ينضاف لها وصاية عاشتها في الماضي القريب مجموعة نساء لحراطين اللواتي أخضعن لوصاية من خارج محيطهن الاسري مارسها عليهن الاسياد في واحدة من أوجع الممارسات اللاإنسانية التي عرفتها مجتمعاتنا فيفرض عليها أن تكون مباحة الجسد ويفرض عليها ان تنزع عنها اللباس..

فأصبحت المرأة بمعزل عن المشاركة والفاعلية في المجتمع ونجدها خارج أي أدارة للمجتمع التقليدي واجتماعات القبيلة سواء كانت لأغراض سياسية حرب أو صلح اجتماعي أو جمع الديات.. إلخ.
وهذا ما انتقل بسلاسة للممارسات السياسية الديموقراطية فالنساء يمثلن في الغالب المخزون السياسي الذي يحركه رجال القبيلة.

وصحيح أن واقع الوصاية الذي تعيشه المرأة الموريتانية ثقيل لكن أجزاء منه بدأت تنقشع، حيث أسهم التعليم رغم حرمان المرأة من فرص مساوية في التعليم مع الرجل في تحرير بعض النساء من الوصاية.
كما عملت العولمة وضغوط المصالح المشتركة والعلاقات الدولية على اشراك المرأة في السلطة ورفع من الوصاية و مستوى حرية ومشاركة المرأة ولكن ما تزال هناك مجالات محظورة على المرأة أو يصعب الولوج اليها بفعل المجتمع الذي يقف أمامها وتحول عقليات راسخة دون السماح للمرأة بالتقدم فيها كالقضاء والمحاماة ورئاسة الاحزاب..الخ.
وكانت للجهود النضالية للنساء اسهامات كبيرة في رفع الوصاية وعلو الخطاب المطالب بالمساواة واعتبار المرأة كاملة الاهليه رغم أن هذه الجهود والاسهامات النضالية تم الالتفاف عليها غالبا.

الاستقلالية،
على الرغم من المسار النضالي المبكر نسبيا للمرأة الموريتانية وما حققه من إنجازات، إلى أن الصورة العامة لوضعية المرة في المجتمع الموريتاني ما زالت تثير الكثيرة من الإشكالات المرتبطة بالواقع الاجتماعي والأدوار الاقتصادية والتطور المؤسسي والتشريعي، ذلك أن تلك الجوانب وتشخيصها يتيح لنا معرفة مدي تمكين المرأة وضمان تمتعها بحقوقها وابرزها خياراتها الحرة و الواعية .

تطمح المرأة الموريتانية على غرار النساء في العالم للوصول إلى الاستقلالية والتمتع بجميع حقوقها والحريات التي تمنحها الاتفاقيات والقوانين الدولية والمحلية..
لينعكس ذلك على حريتها في الارادة والقرار والاختيار، ويمثل التعليم وسيلة مثلى للتحرر من الافكار والعقليات المسيطرة على المرأة والمجتمع، ومن خلاله تمكنت بعض النساء من تكسير الكثير من القيود والحواجز وتغيير جزء من الصورة النمطية التي ترى المرأة ضعيفة وعاجزة.
كما ساهم التعليم في تعزيز فرص المرأة في العمل والاستقلال المادي الذي يمثل حاجزا لأغلب النساء، اذ يشكل الفقر والبطالة عوائق أمام استقلالية المرأة ولا تحرك السلطة المسؤول الأول عن وضع المرأة كمواطنة أي ساكن في سبيل تمتعها بحقوقها وحرياتها بعيدا عن وصاية المجتمع.

تسلم سالم يسار
“نائب رئيس هيئة الساحل للدفاع عن حقوق الإنسان ودعم التعليم والسلم الاجتماعي“