بين عدسة العامل وعمى العدالة

أحد, 03/08/2025 - 23:33

الراصد : في زمنٍ أُدير فيه ظهرُ الإنصاف، وأُشهِر سيفُ الانتقام على بسطة المهنة، يُفصل عاملٌ بسيط لا لجرمٍ ارتكبه، ولا لإخلالٍ بواجبه، بل لأنه التقط بعدسة هاتفه صورةً لرجلٍ من رجالات هذا الوطن، كان بالأمس رمزًا في الصدارة، فأصبح اليوم مَن لا يجوز الاقتراب من ظله، ولا السلام عليه إلا بإذن من الرقيب!

أيُّ جرمٍ هذا؟ وأيُّ خرقٍ لميثاق العدالة؟
أم صار تصويرُ رجلٍ سابقٍ في الحكم جنايةً تقتلع الأرزاق؟!
أم أن الدولة ما عادت تهاب الله في الأرزاق والأعراض، وإنما توجّه سهامها إلى عاملٍ بائسٍ، لا ناقة له في السياسة ولا جمل، سوى أنه التقط صورةً عابرة لمحيا رجلٍ ملأ البلاد حضورًا؟!

ما هكذا تُبنى الأوطان، ولا بهذا تُقام دولة القانون.
الدولة قد تستقيم على الكفر، ولكنها لا تستقيم على الظلم، فكيف يُفصل العامل وتُسَنّ المساءلات، وتُشهر العصا في وجه من سلّم أو زار أو هاتف؟!

كفى مطاردةً للظلال، واهتمامًا بالمظاهر، واتركوا للناس حرياتهم، فإن الأوطان لا تُبنى بملاحقة الصور، بل بعدلٍ يُقيم الميزان، وحقٍ يُصان، وحريةٍ تُحمى.

فهل التصوير صار جريمة؟
أم أن العدل عندكم صار يُوزن بميزان الهوى والخصومة؟
رحم الله العامل، وأنصفه، ورفع الله الغشاوة عن أعينٍ لم ترَ إلا ما أُمرت أن تراه.