التقاعد الوظيفي بين صدمة الفراغ و فقدان الجدوي

خميس, 09/10/2025 - 13:36

الراصد : ينظر إلي التقاعد الوظيفي علي أنه قدر لا مفر منه ،

و جزء طبيعي من سنة الحياة أو دورة الحياة البشرية .

حيث يفسح المجال للأجيال الصاعدة لتولي المهام و المسؤوليات و المشاركة بشكل فعال في مسيرة التنمية و التقدم .

و علي نحو يضمن الإستمرارية و نقل الخبرات بين الأجيال .

فالتقاعد يمثل نهاية مرحلة و بداية مرحلة جديدة في حياة الموظف .

يتطلب إستعدادا نفسيا و إجتماعيا و صحيا .

في حين نجد أن الموظفين في الدول المتقدمة يعارضون زيادة سن التقاعد بسبب الضمانات الإجتماعية المريحة، 

بينما يتطلع الموظفون في بلدان أخري لتمديده أو تأخيره نتيجة ضعف هذه الضمانات و صعوبة أوضاع المتقاعدين. 

حيث يري بعض خبراء المجال أن رفع سن التقاعد يهدف إلي تحقيق التوازن بين إحتياجات الإقتصاد المتمثلة في تقليل العجز المالي و زيادة الإنتاج .

و بين إحتياجات الأفراد في الحصول علي حياة كريمة بعد التقاعد .

بينما يري محللون و مراقبون للشأن الداخلي عكس ذلك ،

في الوقت الذي يتم فيه تمكين و تدوير المتقاعدين من أصحاب الحظوة و النفوذ دون غيرهم و علي نطاق واسع ،

من تولي المناصب العليا كالتوزير و رئاسة المجالس الإدارية لكبريات شركات و مؤسسات الدولة . 

و علي نحو شكل عائقا أمام أصحاب المؤهلات و الكفاءات و الخبرات من فئة الشباب ،

و كرس للغبن و إتساع البطالة و الحرمان من الولوج إلي الوظائف السامية أو التدرج إلي المناصب العليا. 

و هو ما يعد إنتهاكا صارخا للعدالة الإجتماعية و تقويضا لمبدأ تكافؤ فرص التوظيف . 

 يتنافي مع مقاصد المثل الشعبي القائل

 ( أللي طلست سن يطلسه ) .

ففي سياق تقاعد الموريتانيين سبق و أن قال الإداري المتمرس الطريف و المرح المرحوم ولد برو ،

إن الموظف لدينا بعد التقاعد لا يبقي له من عقله إلا قدر ما يبقي له من راتبه .

قول مأثور يعكس نظرة ساخرة بأن قدرة الموظف العقلية بعد التقاعد تتناسب طرديا مع راتبه التقاعدي ،

 وهو تعبير ساخر عن تدني رواتب التقاعد المنخفضة التي لا تكفي لسد إحتياجات الموظف بعد تقاعده ببلادنا و تأثيرها السلبي علي حياة الموظف المتقاعد .

كما يعد أيضا نقدا ضمنيا لسياسات التقاعد التي لا تضمن للموظف مستوي معيشيا لائقا بعد

خدمة سنين طويلة ،

مما قد يؤدي إلي تدهور وضعه الإقتصادي و الإجتماعي.

و دعوة من جهة أخري إلي إعادة النظر في نظام التقاعد لضمان حياة كريمة للمتقاعدين و التأكد من أن دخلهم بعد التقاعد كاف لتغطية مطالبهم الأساسية و الضرورية .

تأسيسا لما سبق يبقي نظام التقاعد رهينا لإرادة سياسية جادة وصادقة ،

و مقدرة مختلف الأطراف علي تجاوز منطق الحسابات الظرفية إلي أفق إصلاحي يستحضر كرامة المتقاعد، 

لا كرقم في موازنات الدولة ،

بل كمواطن ساهم بشكل أو بآخر لعقود طويلة و طويلة جدا في بناء الوطن .

بالتأكيد الحياة لا تنتهي عند التقاعد .

نسألك اللهم حسن الخاتمة في التقاعد و بعد التقاعد . 

    اباي ولد اداعة .