
الراصد: في العاصمة نواكشوط، تنتشر ورش ميكانيك السيارات على امتداد الشوارع الرئيسية والأحياء الشعبية، لكنها تكشف واقعًا لافتًا: هيمنة شبه كاملة للعمالة الأجنبية، مقابل غياب شبه تام للمهنيين الموريتانيين عن هذا القطاع الحيوي.
فرغم وجود مؤسسات ومعاهد متخصصة في التكوين المهني والفني، وسنوات من الجهود الحكومية الرامية إلى تشجيع الشباب على المهن الإنتاجية، ما تزال مهنة إصلاح السيارات في يد الأجانب الذين استطاعوا فرض وجودهم بفضل مهارتهم وخبرتهم العملية.
ويرى أصحاب الورش أن قلة اهتمام الشباب الموريتاني بالمهن اليدوية تعد من أبرز أسباب هذا الواقع، إذ يفضل الكثيرون الوظائف المكتبية أو الأعمال الإدارية، فيما تعتبر الحرف الفنية مهنة "شاقة" أو "دون الطموح الاجتماعي"، بحسب وصف بعضهم.
ويؤكد بعض الزبائن أن العامل الأجنبي يتميز بـ السعر ال الارخص ، ما جعله الخيار الأول في سوق الخدمات الميكانيكية، في حين يطالب آخرون بضرورة تأهيل الشباب الموريتانيين ميدانيًا وتوفير حوافز تشجعهم على دخول هذا المجال.
من جهتهم، يرى خبراء التكوين الفني أن معالجة هذا الخلل تتطلب ربط التكوين المهني بحاجات السوق، وتغيير الصورة النمطية عن المهن الحرفية، إلى جانب وضع برامج دعم وتمويل خاصة لورش الشباب الوطنيين، لضمان حضورهم في هذا القطاع المتنامي الذي يمثل مورد رزق ثابتًا لآلاف الأجانب في موريتانيا.