رأي: طريقنا إلى الهاوية… عندما تعمل مؤسسات الدولة الواحدة وكأنها من دولتين مختلفتين!

سبت, 26/04/2025 - 06:42

الراصد : بقلم: الحاج احمد إديجبي

في نواكشوط، يتكرر مشهد بات مألوفًا ومحبطًا في آنٍ واحد: طريق إسفلتي يُعاد تأهيله بعد أن تآكل بفعل تسرب المياه، وبعد أيام قلائل، يعاود التقعر الظهور في مشهد عبثيً متكرر، لكنه يعكس واقعًا أكثر خطورة وعبثية: غياب التنسيق بين مؤسسات الدولة.

تبدأ هذه الدراما المملة حينما يتفاقم الوضع بتدخل شركة صيانة الطرق فتقوم بعملها متجاهلة مصدر المشكلة، تُزيل الجزء المتضرر من الطريق وتعيد رصفه في مشهد يوحي بالإنجاز. لكن ما إن تمر بضعة أيام، حتى تبدأ الأرض في الإنهيار مجددًا، بسبب تسرب المياه من أنبوب لم يُصلح بعد. لماذا؟ لأن شركة المياه لم تكن في الصورة أصلًا! وكأننا في دولتين، لا جهاز تنسيقي بينهما، ولا حتى رؤية مشتركة.

وكمثال على هذه الظاهرة تلك الحفرة المزمنة التي تتوسط تقاطعا مزدحما بالآليات الثقيلة المتجهة من والى الميناء وصهاريج الصرف “الصحي” والمركبات العادية.

هذه الحلقة المفرغة لا تكلف الدولة عشرات الملايين فقط، بل تستهلك وقت المواطن، وتفسد مركبته، وتُعرضه للخطر. الأسوأ من ذلك، أنها تعكس عقلية إدارية تقوم على ردّة الفعل، لا على التخطيط الإستباقي، و تقوم أيضا على الجزر المعزولة لا على العمل التكاملي!

أليست هذه فرصة لوضع بروتوكول مشترك بين شركة المياه و شركة الطرق؟ أليست الحاجة مُلحّة لإنشاء لجنة فنية دائمة، يكون تدخلها مشروطًا بتشخيص شامل للمشكلة، وليس فقط معالجة مظهرها السطحي؟

عندما تعمل مؤسسات الدولة وكأنها كيانات مستقلة، يدفع المواطن الثمن مضاعفًا. وما يحدث في طرق نواكشوط اليوم، ليس مجرد خلل في الإسفلت، بل خلل في طريقة التفكير ذاتها.