الإستثمار المقنع....

أحد, 16/02/2025 - 12:41

الراصد : في بلدٍ ترسو على سواحله خيرات البحر، وتتناثر في أرضه كنوز الطبيعة، وقف شبابٌ موريتانيون ذات يومٍ ليشقّوا طريقهم في سوقٍ ظنّوه ملكًا لسواعدهم، وحلموا بأن يكون لهم فيه نصيبٌ من الكسب الحلال، بعدما أنهكتهم شظف العيش وضيق الفرص. شمروا عن سواعدهم، وأسسوا مشاريعهم، متسلحين بالعزم والأمل، ليكونوا جزءًا من نهضة وطنهم، فكانت البداية مبشرة، والسوق عامرًا بالحركة والزبائن، حتى دارت رحى الغدر، وجاءت الرياح بما لا تشتهي سفن الطموح.

لم يكن العدو من خارج الحدود، بل من أولئك الذين أكلوا من ثروتنا حتى شبعوا، ونهبوا من خيراتنا حتى امتلأت جعبهم، ثم لم يكتفوا بذلك، بل استداروا ليزاحموا أبناء الأرض في قوت يومهم! دخل الصينيون السوق، ولم يأتوا بمشاريع تكمّل ما بدأه الشباب، بل جاؤوا ليقصوا الموريتاني عن أرضه، ويخطفوا الزبائن من بين يديه، ويشعلوا نار المنافسة غير المتكافئة، مستفيدين من نفوذهم وسلطتهم الاقتصادية التي لا ترحم.

يا للعجب! في كل بقاع الدنيا، المواطن هو السيد، والشاب في بلده هو الأولوية، يُدعم ويُحترم، أما عندنا، فالغريب يتقدم، وأهل الدار يُدفعون إلى الهامش. في الصين نفسها، هل يُسمح لموريتاني أن يزيح صينيًا عن سوقه؟ هل يجد هناك الدعم والتسهيلات؟ أم أن الأبواب تُغلق في وجهه لأنه ببساطة "ليس منهم"؟ فلماذا نحن وحدنا نفتح الأبواب لمن جاؤوا بنهمٍ لا يشبع، ينهبون خيراتنا السمكية، ويدمرون بيئتنا البحرية، ثم لا يكتفون بذلك، بل ينافسون أبناءنا في لقمة عيشهم؟!

ما يحدث اليوم هو احتلال اقتصادي ناعم، غزوٌ مقنّعٌ بالاستثمار، لكنه في جوهره إقصاءٌ لموريتانيا من موريتانيا! إن لم يُدرك القائمون على الأمر خطورة هذا العبث، فسنجد أنفسنا غرباء في أوطاننا، نشحذ الفرص من أيدي الغرباء، بينما هم يحكمون قبضتهم على مقدّراتنا. فهل بقي فينا من يغار على هذا البلد؟ أم أننا اعتدنا أن نكون أذلّةً في ديارنا، نبيع أرضنا وثرواتنا بأبخس الأثمان، ونفرش السجاد لمن يطرد أبناءنا من أسواقهم؟!

محمد مختار الله....