الراصد: تُعد الجامعات ومؤسسات التعليم العالي منارات للعلم والمعرفة، وتتميز بكونها فضاءً جامعًا بين التدريس، البحث العلمي، والقيادة الأكاديمية. ولذلك، فإن اتخاذ إجراءات تقضي بإقالة الأساتذة الذين يشغلون مناصب أكاديمية تحت مبرر التفرغ للتدريس والبحث يثير العديد من التساؤلات الجوهرية حول جدوى هذه القرارات وانعكاساتها السلبية على جودة التعليم العالي وتطوره.
أولًا: تناقض القرار مع طبيعة العمل الأكاديمي
إن الأدوار الأكاديمية التي تشمل تنسيق أقسام البحث، الإشراف على مدارس الدكتوراه، وإدارة برامج التعليم العالي ليست "أمورا غريبة" عن التدريس والبحث، بل هي امتداد طبيعي لهما. هذه المهام تعزز التكامل بين التعليم والبحث، حيث تساهم في خلق بيئة أكاديمية متميزة، تضمن جودة المحتوى التعليمي، وتشجع البحث العلمي الذي هو العمود الفقري لأي جامعة.
ثانيًا: الأقدمية الأكاديمية معيار أساسي لتولي المناصب
من المعروف أن تولي المناصب الأكاديمية يتطلب خبرة طويلة في التدريس والبحث، وهي خبرة تُكتسب عبر سنوات من العمل الجاد والالتزام. إن إقالة أساتذة من هذه المناصب بحجة التركيز على التدريس فقط، تتجاهل أن الأقدمية هي التي أهلتهم أصلًا للاضطلاع بتلك المسؤوليات، مما يمثل تقويضًا غير مبرر لكفاءتهم وخبراتهم.
ثالثًا: التفرغ لا يعني العزل
إن مفهوم التفرغ للتدريس والبحث لا يعني عزل الأستاذ عن الأدوار الأكاديمية الأخرى، بل يشير إلى التركيز على الجوانب التي تسهم مباشرة في تطوير المؤسسة الجامعية. ومن هذا المنطلق، فإن هذه المناصب ليست عائقًا أمام التدريس والبحث، بل هي وسيلة لتمكينهما وتعزيزهما.
الخاتمة
إن اتخاذ قرار إقالة الأساتذة من مناصبهم بحجة التفرغ للتدريس والبحث يمثل تجاهلا لطبيعة الدور الأكاديمي الشامل الذي يتطلب تكاملًا بين التدريس، البحث، والإدارة. لذا، يجب إعادة النظر في هذه القرارات لتجنب الإضرار بمكانة الجامعة ومستوى أدائها الأكاديمي. إن الاعتراف بخبرات الأساتذة واحترام أدوارهم المتعددة ليس مجرد ضرورة، بل هو أساس نجاح أي مؤسسة تعليمية تطمح إلى الريادة