المدرسة الجمهورية بين الحلم والواقع (3)

جمعة, 28/10/2022 - 22:57

الراصد: على أنغام زيارة وزير التعليم إلى ثانوية دار النعيم كانت عناصر الصورة تتحدث بلسان الحال لابلسان المقال ؛  إدارة خاوية على عروشها ؛ وأستاذ غزا رأسه الشيب من واقع مأساوي يعيشه وتلامذة بين حاضر يكسوه الغياب وغائب لايجد من يسأل عن سبب غيابه لفت انتباهي ذلك الدولاب المتهالك الذي رسمت عليه أنامل الزمن أبشع ترانيم النسيان فباتت جنباته تلعن أعواما من النهب الممنهج لوزارة يفترض أن يكون كل من فيها فوق الشبهات .
كان ذلك الدولاب الذي يفترض به أن يكون عامرا بالمراجع والأدوات يحكي قصة إهمال منقطع النظير وهو الذي لايكاد في الخصام يبين .
لم تكن صورة ذلك الأستاذ ولاحتى حركات أيادي الوزير ولاوجه مرافقته إلا لوحات تحكي جوانب من المأساة لتقول في جميع تفاصيلها أن المدرسة الجمهورية حلم وأن الواقع الذي نطمح إليه بعيد المنال .
سيدي الوزير هنا أشكرك رغم اختلافنا على ماقمت به من زيارات مفاجئة ولو أنك تستمر فيها لعلمت علم اليقين أن الحفاظ على الموجود وتطويره أنفع وأجدر من طلب المفقود وأن طمس الحقائق لن يزيد الطين إلا بلا وأن حقيقة الإنجازات التي يوهمكم بها عمال هذا القطاع ماهي إلا حبر على ورق وأن مايبنونه تبعا لها لايعدو كونه أحلام يقظان وأن مسلماتهم وتصوراتهم المبنية على هذا الأساس أوهن من بيت العنكبوت والذي هو أوهن البيوت .
معالي الوزير وأنت تتجول في سيارتك الفارهة رجاء تصفح الوجوه التي علتها غبرة وأرهقتها قترة تأمل الواقع الذي كتب بعبارات البؤس وحروف الشقاء من شوراع وبنى تحتية متهالكة ومتباعدة تأمل وجه ذلك الأستاذ الذي وقف أمامك تأمل وجهه الذي يروي ألف حكاية وحكاية .
إن مارأيته في دار النعيم هو صورة مصغرة للواقع الذي يعيشه هذا البلد وربما هناك مناطق تعيش أسوأ من هذا لأنها أضحت في مأمن من زياراتكم المباغتة وفي أمان من الرقابة الصارمة والتفتيش الدقيق .
سيدي الوزير هذه اللوحة لاشك أنها تظهر بجلاء أن المدرسة الجمهورية على علاتها لاتزال حلما كما كان مصنع السكر والألبان والحديد أضغاث أحلام ولم تعدو كونها مشاريع على الورق جرفتها سيول الإهمال ليطويها عالم النسيان .
سيدي الوزير من خلال تقييمكم لزيارة دار النعيم هل يمكن أن تقف أمام نفسك وربك وشعبك لتقول بأن كل شيئ على مايرام وهل بربك يستحق مستشارو الفشل والإهمال البقاء في مناصبهم وعلى أكتافهم يقع عبء التبرير الأعمى لمشروع حتى المواطن البسيط يعرف من خلال الواقع أنه سرابي؟  أم أن قدرنا أن نبقى في دائرة التجربة ؟
السيد الوزير حين توجد مدرسة جيدة مجانية لن تحتاجوا إلى يوم زينة فيه يحشر الناس ضحى بل سيحشر البؤس والحاجة جميع أفراد بلاد السيبة دون أن يغادر منهم أحدا ليكونوا في الموعد ودون سابق تخطيط  ونصيحتي لك وأنت تجلس في مكتبك أن تتصفح الصور جيدا فلربما لحديثها رسالة عجز مستشاروك الكرام عن توصيلها واللبيب من بالإشارة يفهم .
سيدي الوزير هذا غيض من فيض وقليل من كثير فإما أن تكون مع شعبك وإما أن يضللوك بأكاذيبهم وأباطيلهم وحينها تكون كم مروا هنا يوما ولم تحتفظ لهم حتى الجدران بذكريات تذكر حين يذكر العظام وهم أبعد مايكونون من قول الشاعر :
سيذكرني قومي إذاجد جدهم   
  وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر 
يتواصل .
سيدمحمد يعقوب .