الراصد: التقى الإمام أبو بكر الباقلاني-رحمه الله وكان مشهورًا بالمناظرة-راهبا نصرانيًا. فقال النصراني: أنتم المسلمون عنصريون. قال الباقلاني: وكيف ذلك؟ قال النصراني: تبيحون لأنفسكم زواج الكتابية - اليهودية أو النصرانية- ولا تبيحون لغيركم الزواج ببناتكم. قال له الإمام: نحن نتزوج اليهودية لأننا آمنا بموسى، ونتزوج النصرانية لأننا آمنا بعيسى، وأنتم متى ما آمنتم بمحمد زوجناكم بناتنا.
لقد كان الإيمان بمحمد الأول ومَن قبله شرطا للحظوة والقرب!!
فهل لازلنا على ذات السبيل !!
تُرى متى يؤمن أغلب مسؤولينا بالوطن، لينكحوا ماطاب لهم من الوظائف فيه والإمتيازات؛ مثنى و……
ومتى يدركون أننا مالكيون شرطنا أن لاسابقة ولا لاحقة، ولسنا على المذهب الكاثولوكي !!!
لقد أودع الله في الإنسان العديد من الغرائز الضرورية لأداء دوره في هذه الحياة، ومن هذه الغرائز، غريزة حبّه لوطنه فهو بطبيعته يحبّ وطنه؛ مسقط رأسه، ووطن آبائه وأجداده، ويألف الأرض التي تربّى فيها، وترعرع عليها، وتنفّس هواءها، وارتوى من مائها، وأكل من خيراتها، ونسج فيها علاقاته، وقد جاء في الأثر : «من كرم المرء، بكاؤه على ما مضى من زمانه، وحنينُهُ إلى أوطانه، وحفظه قديم إخوانه»،
والوطنية قبل أن تكون انتماءً لمكان معين فهي فكر إنساني جوهره حب الخير والتضامن، أما الوطن فهو مجرد مأوى يتغير بتغيير المكان عكس الوطنية التي هي مفهوم شاسع لا يحصر في حب شخص معين، وإنما هو فكر ينعكس في تصرفات الفرد من أعمال وإنتاج بدون تمييز وبعيدا عن العنصرية والتعصب ومن غير حدود.
من أكبر المشكلات التى يواجهها مجتمعنا سواء على مستوى السلطة أو على مستوى المعارضة أو حتى على مستوى التيارات التى تخرج من المعادلة التقليدية للعمل السياسى، هى معضلة «الإيمان بالدولة»! بالإضافة إلى معضلة تعريف الدولة والجدال حول جدواها وحدودها ووظائفها وعلاقتها بغيرها من المؤسسات الأخرى الاجتماعية أو الدينيةأو ……!، إنّ الإجابة على هذه الأسئلة البسيطة المتعلقة بماهية الدولة ككيان قانونى واقتصادى وسياسى واجتماعى وحدود وظائفها وأدوارها ومساحات التماس مع غيرها من المؤسسات والجماعات المنافسة لها ، لا زال عصيا على الكثير من نخبنا أو على الأصح ثانويا بالنسبة لأغلبهم للأسف.
والوطن مرهون بإرادة مَن يديرونه !!
لم تكن الأنانية سلوكا محمودا في هذا المجتمع، بل كانت محل ذم وتنقيص حتى أضحى صاحبها شبيها بالحمار أكرمكم الله -إلين نشرب آنَ يعمل الحاسي يُدَّگدگْ-
إن مجتمعا يستمد قيمه من علامة -وخيرت-ويتغذى بالكسب المعنوي - أُتهيدينْ- ويستمطر من السُّنة النبوية دستوره وسُبل تعاونه وتعاضده - مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل (الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.- لايمكن أن يبقى مسجونا في رقعة جهوية معينة ولا في عصبية قَبلية أو شرائحية ولا يمكن أن يبقى كل فرد فيه منطويا على همومه بشكل فرداني.
إن أنظمة فشلت في إستثمار الرصيد المعنوي لحضارة هذه الأمة المجيدة، من أجل خدمة مشروع بناء الدولة بسواعد أبنائها وفق مبادئ وقيم تلك الحضارة التي أعطت للفرد الحرية في إختيار وجهته - وُلادَمْ هو گطّاعْ صوگُ راصُ- قيمة كل أمرئ مايحسن .
وأشتغلت على تدمير قيمها وإذلال وأبتزاز كرامها حتى غدوا مابين تابع أومهاجر أومغضوب عليه ومزهود فيه.
كيف لها أن تفاخر بالطرقات والعمارات والمطارات وحتى بالأناشيد والمكتبات وقد قتلت أهل المروءات!!!
وإن لكل لاحق الخيرة من أمره والطريق إلى الإصلاح لايمكن أن يكون إلا بمخالفة من أفسدوا ونهبوا وأحتقروا!!!
كما أنه لايمكن أن يكون بمعونة من خضعوا وتذللوا وتآمروا وتملقوا!!!
وإن كان ولابد؛ فإن لم توقفوهم لأنهم مسؤولون، فأهجورهم وعِظوهم لعلهم يرجعون.
.