الراصد: تعد وجبة" الكسكس" من اهم الوجبات الغذائية المفضلة لدى المواطن الموريتاني،وتتمايز في أهميتها حسب الجهات ..فتعتبر لدى المناطق في شرق البلاد وشمالها الوجبة الأكثر تناولا.. فيما يفضل سكان المناطق الأخرى بعض الوجبات الأخرى الموروثة.
وجبة "الكسكس"موروث تقليدي ..
ولكن وجبة ا"لكسكس" تظل هي الوجبة الأكثر انتشارا،ولذلك فهي مصدر رزق على عشرات النسوة المتخصصات في صناعة الوجبة،واللواتي تعج بهن واجهات المحلات في الملتقيات العامة،وعلى الأرصفة،و مختلف الأماكن العامة التي فيها وجود كثيف.
بعض متذوقي الوجبة والمتعلقين بها يفضلون "الكسكس"المستورد الى العاصمة من المناطق الشرقية وخاصة عاصمة ولاية الحوض الشرقي النعمة..والذي يعرف ب"كسكس" النعمة.ولدى هؤلاء الأماكن التي يحصلون منها على الوجبة.
وقد شهدت وجبة" الكسكس" خلال الفترة الأخيرة على غرار جميع المواد المستهلكة ارتفاعا في سعر المقياس الذي تباع به..حيث وصل سحر نصف المكيال الذي كان يباع بمائة اوقية قديمة الى مائة وخمسين أوقية قديمة وبذلك صار سعر المكيال التام بثلاث مائة أوقية قديمة.
السالكة ٢٠ سنة في صناعة و بيع "الكسكس"..
السالكة سيدة في الخمسين من العمر تعيش على الكسب من وراء بيع وجبة الكسكس منذ اكثر من عشرين سنة،ليس لها مساعد في الصرف على أسرتها المكونة من عشرة أفراد،مات عنها زوجها في حادث سير وترك لها إرثا من المعانات والمشقة في تكبد التربية والصرف على الأطفال.
تصبح المسكينة في منزلها المتواضع المكون من بيت وعريش في مساحة صغيرة مسورة بساج من الأسلاك الحديدية على جمع الحطب الذي تجلبه بشق النفس من بائعي الفحم وأسعار غالية..وتشعل النار في فرنها الكبير ..وبعد الإجراءات الأولية من حرير الدقيق من الشوائب وخلطه ببعض المكونات الأخرى التي تساعد سلاسة برمه.تشعل السالكة فرنها الذي ما يلبث ان ينبعث منه دخان كثيف يغطي جميع المنطقة ويتسرب الى ما حوله متستتا في امواج نحو الفضاء فختلط في السماء.
وما يكاد اليل ينشر ذائبه السوداء على المدينة حتى يكون السالكه قد انتهت من اعداد الوجبة ووضعتها في إناء كبير ،يساعدها بعض افراد الأسرة في نقلا من المنزل الى الشارع حيث تستقل سيارة أجرة الى المكان الذي اعتادت ان تعرض فيه بضاعتها منذ اكثر من ٢٠ سنة.
تصل السالكة الى مكان العرض ملتقى على مفترق طرق بحي شعبي فيستقبلها الزبناء بحفاوتهم المعهودة..بعض الفتيات، ونسوة في متوسط من العمر.يحلقن حولها بينما تنظم السالكه للبدء في بيع بضاعتها التي انشغلت طوال اليوم في إعدادها.
ويتكون الزبناء حول السالكة المنهمة في بيع الوجبة حسب غرض كل زبون..في بعض الأوقات يتبسم لها الحظ،وتبيع جميع ما في الإناء بسرعة وتعود الى اطفالها في فرحة وسعادة..وبعض الأوقات ..يطول الانتظار بسبب عدم اقبال الزبناء،وفي بعض الأحيان تبيع بضاعتها في الدين الغير مدفوع مقدما ..وتعود لتستلف في اليوم الموالي مصاريف ما ستبيعه.
أزمة ارتفاع الأسعار..وتراجع الاقبال على الوجبة
تعيش المسكينة كباقي زميلاتها مع موجة ارتفاع الأسعار ازمة من ارتفاع سعر الدقيق مما دفعها الى رفع سعر المكيال..مع تراجع الاقبال على الوجبة ..
تقول المسكينة إن عدد كبير من الزبناء الذين يفضلون تناول الوجبة في الليل اختفوا بسبب عجزهم عن توفير ثمن الوجبة..وان الدخل الذي كان يوفر لها ااحصول على المادة لم تعد تحصل عليه...
محمد أحمد حبيب الله