الراصد: قطع الدكتور عبد الله حمدوك باستقالته من رئاسة الحكومة -التي قدمها إلى الشعب السوداني عبر كلمة بثها التلفزيون الرسمي في غرة يناير/كانون الثاني الجاري- الجدل حول ضرورة بحث مجلس السيادة عن شخصية مستقلة تجد القبول من كل الأطراف لتولي المنصب الرفيع. وفي خطابه أمام كبار ضباط الجيش أمس الاثنين، أكد رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان على ضرورة تشكيل حكومة مستقلة ذات مهام محدودة بتوافق جميع السودانيين.
وشددت الولايات المتحدة الأميركية على ضمان استمرار الحكم المدني، وطالب مكتب الشؤون الأفريقية بالخارجية الأميركية السودانيين بالتوافق وتنحية الخلافات جانبا، وهي إحدى المطالب التي دفعت بحمدوك إلى حسم أمر استقالته.
اللجنة التي قرر مجلس السيادة إنشاءها للنظر في تشكيل حكومة تصريف الأعمال المستقلة برئاسة عضوي مجلس السيادة ياسر العطا ومالك عقار، وفق مصادر للجزيرة، ستجد على طاولتها عدة أسماء رشحت لتولي رئاسة الحكومة المرتقبة. وجل تلك الأسماء كانت قد رشحت لتولي المنصب بعد إجراءات 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وإعلان البرهان حل الحكومة ووضع حمدوك قيد الإقامة الجبرية قبل أن يعود لموقعه باتفاق سياسي في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وتكشف السيرة الذاتية لجميع الأسماء التي يمكن أن تتولى إحداها رئاسة الحكومة -وليس من بينها اسم لأي امرأة- تجاوز أصحابها العقد السادس من العمر، وأكبرهم سنا هو البروفيسور "هنود أبيا كدوف" المولود في 1944، وأصغرهم هو الدكتور محمد حسين سليمان أبو صالح المولود عام 1960. وحصلت جميع الأسماء على شهادة الدكتوراه في تخصصات متعددة شملت القانون والاقتصاد والتنمية والتخطيط الإستراتيجي والهندسة. كما أن بعضهم عمل في مواقع مهمة بفترة حكم الرئيس عمر البشير قبل الإطاحة به في أبريل/نيسان 2019.
وآخر الأسماء التي صعدت بقوة عقب استقالة حمدوك، ولم تكن ضمن الأسماء المرشحة قبل عودته رئيسا للوزراء، هو الدكتور حامد البشير إبراهيم المولود في ولاية جنوب كردفان عام 1956، وسيرته الذاتية مليئة بإنجازات أكاديمية، حيث حصل على درجة الدكتوراه في مجال التنمية والتخطيط من جامعة "كونتكت" الأميركية، وله خبرة طويلة في العمل كاستشاري بالمنظمات الأممية في مجالات التنمية، حيث ختمها في العام 2019 مستشارا خاصا للمكتب الإقليمي لليونيسيف لدول شمال أفريقيا والشرق الأوسط، بتعيينه واليا لولاية جنوب كردفان في أغسطس/آب 2020، وهو أقرب إلى حزب الأمة القومي.
من بين الأسماء التي عُرضت بقوة أثناء الإقامة الجبرية لحمدوك، كان اسم البروفيسور "هنود أبيا كدوف"، المولود في 1944 بولاية جنوب كردفان. تم تعيينه مديرا لجامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم عقب ثورة ديسمبر/كانون الأول. وهو حاصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في القانون من جامعة لندن، عمل في السلك القضائي في السودان حتى درجة قاضي استئناف، كما عمل محاضرا في الجامعات السودانية، وتولى منصب بروفيسور بكلية أحمد إبراهيم للقانون بالجامعة الإسلامية في ماليزيا، وكان مرشحا من قبل قوى الحرية والتغيير لتولي منصب وزير العدل في حكومة حمدوك الأولى. ورشح اسمه خليفةً لحمدوك عقب إجراءات 25 أكتوبر/تشرين الأول لكنه -وفق مصادر مختلفة- قدم اعتذاره عن تولي المنصب.
ظل اسم الدكتور كامل إدريس معروضا في الساحة السياسية منذ إعلان ترشحه لسباق انتخابات رئاسة الجمهورية في 2010، وهي الانتخابات التي أعقبت اتفاق السلام الشامل بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة جون قرنق في 2005. وبرز اسم كامل إدريس في الشهور الأخيرة كأحد المرشحين لتولي رئاسة الحكومة السودانية.
إدريس المولود بمدينة أمد رمان في 1954، حصل على درجة الدكتوراه في القانون من جامعة جنيف، وسيرته الذاتية غنية بالمواقع التي شغلها على المستوى الدولي، إذ كان مديرا عاما للمنظمة العالمية للملكية الفكرية وأمينا عاما للاتحاد الدولي للمصنفات النباتية الجديدة وعضوا في لجنة الأمم المتحدة للقانون الدولي. وبرز اسمه كوسيط بين الفرقاء السودانيين في فترة حكم عمر البشير، إلا أن اتهامات طالته أثناء عمله مديرا للملكية الفكرية بتزوير شهادة ميلاده للبقاء في موقعه مما عده مناوئوه ضربا من الفساد.
أصغر الأسماء التي رشحت لتولي منصب رئاسة الحكومة هو الدكتور محمد حسين سليمان أبو صالح المولود في 1960، وحاصل على درجة الدكتوراه في التخطيط الإستراتيجي. عمل في مجال التخطيط الإستراتيجي ونال عضوية العديد من المراكز والمؤسسات المعنية بالإستراتيجيات في السودان، كما عمل مستشارا للعديد من المنظمات الدولية غير الحكومية. وتولى منصب وزير الشؤون الإستراتيجية والمعلومات بولاية الخرطوم في فترة حكم البشير، كما عين في سبتمبر/أيلول 2019 مستشارا لوالي الخرطوم للشؤون الإستراتيجية والمعلومات.
وعلى الرغم من تأكيد البرهان على تشكيل حكومة كفاءات مستقلة؛ فإن اسم زعيم حركة العدل والمساواة السودانية الدكتور جبريل إبراهيم المولود بدارفور في 1955، ظل معروضا بقوة كخليفة لحمدوك، وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من اليابان، وعمل في مناصب مختلفة في حركة العدل والمساواة إلى أن تولى رئاستها عقب اغتيال رئيسها شقيقه خليل إبراهيم. وعين وزيرا للمالية في حكومة حمدوك الثانية ضمن حصة الجبهة الثورية المضمنة في اتفاق جوبا 2020 بين الحكومة والجبهة.
من بين الأسماء التي ظلت معروضة لشغل منصب رئاسة الحكومة في الفترة الماضية، أستاذ الهندسة الميكانيكية بجامعة الخرطوم الدكتور مضوي إبراهيم المولود بولاية شمال كردفان في 1958. حاصل على درجة الدكتوراه في الهندسة وعمل أستاذا بجامعة الخرطوم. أسس منظمة السودان للتنمية الاجتماعية "سودو"، وحصل على جائزة "فرونت لاين ديفيندرز" (Front line Defenders) الأولى للمدافعين عن حقوق الإنسان والمعرضين للخطر في 2005، وتعرض للاعتقال والسجن لفترات عديدة إبان فترة حكم عمر البشير.
وعاد اسم وزير المالية في حكومة حمدوك الأولى الدكتور إبراهيم البدوي المولود في 1954 مجددا إلى دائرة الضوء بعد إقالته من منصبه، وهذه المرة مرشحا لرئاسة الوزارة، وهو حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد والإحصاء من الجامعات الأميركية، وعمل أستاذا جامعيا ومديرا لإدارة البحوث الاقتصادية في البنك الدولي وبعدة مواقع أخرى في البنك، واختاره عبد الله حمدوك لتولي وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي بحكومته الأولى في سبتمبر/أيلول 2019 قبل أن يقيله من منصبه في يوليو/تموز 2020.