الراصد: قبل عامين قدر لي أن أحضر تنصيب الرئيس ولد الغزواني،وقفت في ركن قصي من الباحة الكبيرة،أتأمل الناس وأحوالهم،طابور طويل من دراريع ازبي ورؤوس تخرج من فتحات القماش الألماني،انهم اناس ويقتتلون ثم يتدافعون للدخول والمشاركة في اللحظة التاريخية،هرج ومرج وولولة واعوال وعويل وقهقهات..جميعهم يومها أعلنوا بأنهم عزيزيون،وبأنهم غزوانيون بالتزكية أي بسبب انهم عزيزيون، وبأن النظام باق وسيظل وبأن عزيزا الرمز سيظل ملهمهم وروح ثورة البناء والانشاء والعصرنة..سيدة أعرفها لاهثة وراء جميع الأنظمة وقد غطت وجهها بطلاء أبيض، ورجل أعمال ينظر الى الحفل والانتقال والرئيس الجديد كأرقام، وصحافي ألف التملق ولم يتمكن من ابتكار نمط يخصه، ومع ذلك ستجد يده في القصعة..وضعت ذقني على أثافي الكاميرا وعشت تأملات عجيبة،فالغريب انهم جميعهم ليسوا سيئين ولامجرمين ولاقتلة لكنهم شربوا من أجاج الحياة واذلالها ليتوصلوا الى حقيقة ان الانسان في هذه البلاد لايمكنه العيش دون التملق والنفاق وعبادة الحكام والساسة..فلسفة انهزامية لاتقنع، لكنها غدت عقيدة في موريتانيا للأسف.
أنا أبحث عن المال مثلكم،لأن الطعام والدواء والتعليم لايتأتى بدونه،لكن مافائدة هذا الطعام وهذا الدواء وذاك التعليم، وتنمية الأبدان مادامت لن تتم الا على حساب انهاك شعب بأسره..لنجع معا،حتى نشبع معا،لنجهل معا حتى نتعلم معا،لنمت معا حتى نخلد معا..لو صبرنا قليلا على المسغبة والحر والسجون والمضايقات لما تحكمت فينا عصابات، الله وحده يعلم متى تضمحل وتذوي..في هذا اليوم قبل سنتين ذهب عزيز، وترك غزواني في الكرسي، لتذهب سنتان من عمر البلاد في النهب ونشر أذرع الوافدين..لاصدقات على الشعب، فالنظام في عدة طلاق يتحدث الجيران على أنها ستكون طويلة،اذ ان هذا الطلاق ربما لم يتم أصلا،فالأمر ليس بيد الزوج ولازوجه وانما بيد قاض ومن قضاة النار بالطبع.
وحتى لو ثبت يقينا وانبت غزواني من سلفه،وزالت العقدة وشفى الله مرضى عزيز بمضاد حيوي من السحل والانتقام،فماذا استفاد الشعب وماذا سيستفيد..انها حروبهم والشعب هو آخر المعنيين بها.
ارحلوا فقط جميعكم.
Mohamed Lemin Mahmoudi