بيت الحرية: ندعو لسحب قانون الجمعيات، و الدخول في حوار جاد...بيان

خميس, 31/12/2020 - 16:11

الراصد: منظمة بيت الحرية الحقوقية تدعو في بيان لها الحكومة الى سحب مشروع قانون الجمعيات لأنه لا يلبي الحد الأدنى من حاجة المجتمع و لا يسهم في تطوير منظومة المجتمع المدني...

كما تدعو المنظمة الحقوقية الى فتح حوار جاد و بناء لوضع مشروع يحقق الشركة الحقيقية و يمكن من مساهمة الجمعيات في التنمية....

وقالت المنظمة إن القانون لا يزيل الكثير من القيود السابقة، بل إنه يضيف قيودا أخرى متعلقة بالتمويل وتقديم المعلومات.

البيان :

لقد كنا، في منظمة بيت الحرية للدفاع عن حقوق الإنسان ومحاربة العبودية ومخلفاتها، نعقد الأمل على المشروع الجديد لقانون الجمعيات، لعله يسهم في تطوير منظومة المجتمع المدني من خلال إعطاء مساحة كبيرة من الحرية والاستقلالية على أساس من الشراكة والثقة اللتان تليقان به كمجال حيوي

وكنا نتطلع لأن يتم وضع القانون على أسس سليمة من خلال 

- الإستفادة من اتفاقيات الشراكة الدولية والإقليمية، التي تعزز دور جمعيات ومنظمات المجتمع المدني، باعتبارها شريكا إلى جانب الدولة 

- الرجوع إلى وثائق التشاور بخصوص إصلاح وتطوير المجتمع المدني والمقترحات المقدمة من طرف الجمعيات والشبكات ذات التجربة والخبرة 

إذ أنه من غير المقنع أن يقدم مشروع قانون  بسقف متواضع وبإجراءات مجحفة في منظمات المجتمع المدني في ظل الدعوات الملحة إلى سن  قانون يستجيب لمتطلبات الواقع ويتماشى مع المكاسب التي انتزعتها الشعوب لنفسها من السلط الحاكمة طيلة مسار طويل من النضال المدني 

غير أننا فوجئنا بعد اطلاعنا على المشروع في صيغته المقدمة للبرلمان لإقرارها بحجم الانتكاسة التي سيسببها إقرار هذا القانون لطموحاتنا وطموحات الفاعلين في الحقل 

 فالناظر إلى مشروع القانون يجد أنه لا يزيل الكثير من القيود السابقة، بل إنه يضيف قيودا أخرى متعلقة بالتمويل وتقديم المعلومات، وفي ما يلي عرض لأبرز الملاحظات على هذا القانون

أولا: ملاحظات متعلقة بحرية التأسيس

تروج الحكومة لمشروع القانون  بأنه يفتح الباب لتأسيس الجمعيات بمجرد الإشعار و أن ذلك سيمكن المواطنين من تأسيس الجمعيات والعمل من خلالها دون انتظار ترخيص من وزارة الداخلية على الأقل مدة ال 60 يوما كما تنص عليه المادة (5) من مشروع القانون 

لكن هذا الحق ليس على إطلاقه بل إنه مقيد ببعض الحيثيات تكاد تجعل الفرق بينه وبين التطبيق السابق غير متباعد، ومن هذه القيود:

1-أن هذا التأسيس لا يعطي الجمعية الأهلية القانونية مباشرة، بل تحتاج إلى الحصول على ترخيص من وزارة الداخلية أو مرور 60 يوما دون رفض (المواد 6-8)

2-إعطاء وزارة الداخلية حق رفض إعطاء وصل الأهلية القانونية للجمعيات بقرار معلل (المادة 8)

3-وجود عبارات فضفاضة تمنع تأسيس الجميعات أصلا مثل  "عدم الانسجام مع المصلحة العامة والثوابت والنظام العام والأعراف" (المادة 2 ) و مثل "الحث على العنف والكراهية والتمييز" (المادة 4)

ثانيا: ملاحظات متعلقة بالأعباء التي يضيفها القانون على الجمعيات

توجد في القانون مواد عديدة تلزم الجمعيات بعدد من الإجراءات الإدارية والمالية لا يخفى من السياق الدولي والمحلي الذي يحارب العمل الجمعوي بحجة مكافحة الإرهاب أن هدفها الأساس تحويل هذه الجمعيات إلى رقيب على نفسها تقدم التقارير للحكومة أو تعرض نفسها للإغلاق والقائمين عليها للمتابعة القضائية

ومن هذه الإجراءات:

1-إلزام الجمعيات أن تقدم كشفا ماليا سنويا إلى القطاع الوصي  (المادة 20) 

2-إلزام كل جمعية تحصل على دعم من أي شريك عموميا كان أو خصوصيا، وطنيا أو أجنبيا، أن تصرح بذلك لدى القطاع المكلف بالعلاقات مع المجتمع المدني في أجل لا يتعدى شهرا واحدا  "ويمكن دعوة الجمعية لتقديم الوثائق التبريرية للنفقات و غيرها من المستندات التي يعتبر الإدلاء بها مفيدا " (المادة 20) 

3-إلزام كل جمعية بتقديم تقرير سنوي عن أنشطتها للقطاع الوصي "وللسلطة المختصة أن تطلب معلومات إضافية و أن تقوم بزيارة مقر و فروع الجمعية بغرض التأكد من صحة التقرير و سلامة محتواه" (المادة 21) 

4-خضوع الجمعيات للرقابة الخاصة المنصوصة في القوانين و النظم المعمول بها و تحديدا فيما يتعلق بمحاربة غسل الأموال أو تمويل الإرهاب  (المادة 19)

ثالثا: : ملاحظات متعلقة بالحل والتعليق والتقديم أمام القضاء

يمكن مشروع القانون الجديد السلطة من الحد من حرية التجمع وإنهاء عمل الجمعيات سواء عن طريق السلطة التنفيذية أو القضاء الذي يخضع لها لتبعيته الوظيفية للرئيس ووزير العدل، أو حتى من خلال الأساليب البوليسية القائمة على تخريب الجمعيات من الداخل، وتبين الملاحظات التالية جوانب من تحكم السلطة في مصير الجمعيات وفق مقتضيات هذا المشروع: 

1-يمكن القانون وزير الداخلية من تعليق أي جمعية لمدة ستين يوما بحجة الاشتباه في "قيامها بأنشطة تشكل تهديدا للنظام العام أو تمس بالأخلاق الحميدة"  (المادة 23)

2- يمكن حل الجمعيات بقرار قضائي لأسباب فضفاضة،منها: (المادة 25) 

- إذا تبين أن هدفها غير شرعي

-إذا  قامت بكل ما من شأنه أن يهدد النظام العام و السكينة العامة 

-إذا كان تصرفها مخالفا للقانون أو لنظاميها الأساسي و الداخلي

-إذا زاولت أنشطة لا تدخل في هدفها المحدد في نظامها الأساسي 

-إذا لم تزاول  نشاطها لمدة تزيد على 6 أشهر  إلا في حالة القوة القاهرة

3-يعطي  القانون لأعضاء الجميعات الطعن بشكل جماعي أو فردي لدى المحكمة ضد ممثلي الجمعية بحجة ارتكاب خروقات فادحة للقانون أو النظم أو التسبب في أخطاء جسيمة في التسيير (المادة 29) وهو ما من شأنه أن يعطي للسلطة فرصة لضرب الجمعيات ببعض المنتسبين إليها

رابعا: ملاحظات متعلقة بالعقوبات

يعطي القانون إمكانية المتابعة القضائية للقائمين على الجمعيات بسبب أمور بسيطة مثل: 

1-مخالفة التصريح المطلوب  لإنشاء الجميعات( المادة 65) 

2-الاستمرار في العمل في الجمعيات المحلولة أو إعادة تأسيسها "بطريقة غير شرعية") المادة 66 )

3-مخالفة الإجراءات الخاصة بتلقي معونات عمومية أو تمويلات من الخارج أو الالتزامات و الإجراءات المحاسبية  (المادة 67).

وبعد

فقد تبين من خلال الملاحظات المقدمة على نص المشروع المعروض أمام  البرلمان من أجل المصادقة عليه حتى يصبح قانونا يحكم مجالا مهما وحيويا، 

أن هذا المشروع:

1- لا يحقق الشراكة المطلوبة للمجتمع المدني في التنمية التي أصبحت معيارا عالميا لتطوير الحقل وهدفا من أهداف التعاون الدولي عكسه اتفاق كوتونو الموقع سنة 2000 بين الاتحاد الأوروبي وعدد من البلدان من بينها موريتانيا

2- يمثل تراجعا عن المحاولات الجادة لتحقيق الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني مثل تلك التي جرت في فترة الرئيس السابق المرحوم سيدي ولد الشيخ عبد الله

3- يضع أعباء كبيرة على العمل الجمعوي تحول المقصد الأبرز للقانون من تحقيق الشراكة في التنمية إلى الرقابة والإخضاع المحكومين بهواجس الإرهاب

4- لا يضيف القانون تحفيزات تذكر لحرية التجمع ولا خلق البيئة المساعدة على تطور اعمل المجتمع المدني

 وبناء على ما سبق فإننا في منظمة بيت الحرية للدفاع عن حقوق الإنسان ومحاربة العبودية ومخلفاتها، ندعو الحكومة إلى سحب مشروع القانون والدخول في حوار جاد مع نشطاء المجتمع المدني لوضع مشروع يحقق الشراكة الحقيقية ويمكن من مساهمة الجمعيات في التنمية، كما ندعو أعضاء البرلمان المحترم إلى حث الحكومة على هذا الحوار وعدم إقرار أي مشروع قانون لا يستجيب للتطلعات المشروعة للمنتظم المدني الوطني

كما ندعو الرأي العام الوطني ومنظمات المجتمع المدني للتنبه لما قد ينجم عن إقرار هذا القانون من تقييد واجحاف بحق منظمات المجتمع المدني .

المكتب التنفيذي 

أنواكشوط  بتاريخ 2020/12/31

التوزيع 

-مفوضية حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني 

- اللجنة الوطنية لحقوق الانسان  

-المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان 

- الأرشيف

منظمة بيت الحرية Maison de la Liberté