الراصد : هم أطفال في عمر الزهور أجبرتهم الحاجة وفقر أسرهم على هجر مقاعد الدراسة والتوجه إلى العمل لكسب قوت يومهم. تراهم يمضون يومهم يلهثون وراء لقمة العيش بين أزقة نواكشوط وشوارعها، منهم /باعة متجولون و عاملون في الميكانيك ومتسولون على جنبات الطرق و في محال اللحامة و بيع النعناع..... وغيرذلك من الأعمال التي قد لا تتحملها أجسامهم الضعيفة.
وتعتبر ظاهرة عمالة الأطفال من أكثر الظواهر الاجتماعية المقلقة في موريتانيا، والتي تشهد نموا كبيرا منذ سنوات مع تزايد الفقر في المجتمع الموريتاني.
ويرى باحثون اجتماعيون أن تزايد هذه الظاهرة تقف وراءه عدة أسباب، لعل أهمها التفكك الأسري في ضوء غياب إطار ترعاه الدولة يكفل ضمانا اجتماعيا للأطفال الضحايا.
ويقول مختصون (إن الحد من ظاهرة عمالة الأطفال في موريتانيا، لن يكون بقوة القانون لأن استخدامهم في أعمال شاقة شر لا بد منه). وبعيدا من مقاعد الدراسة، يتابع العديد من الاطفال حياة لا تعد بالسنين بل بعدد السيارات التي يساعدون أرباب معامل تصليح السيارات على إعادة تأهيلها. بأياديهم المتسخة، و وجوههم المغطاة بالسواد، يجسّد هؤلاء جزءا من عذابات الطفولة البريئة في موريتانيا التي مكانها الطبيعي المدارس ورياض الأطفال وحدائق اللعب.
وتبلغ نسبة الأطفال الذين يعملون في موريتانيا حوالي 16 بالمئة، بحسب بعض المنظمات الحقوقية. ففي كل شارع أو زقاق ثمة صبي منهمك في العمل، وأحيانا لأكثر من عشر ساعات في اليوم، #اصلاح السيارات /اللحامة/البناء...#.
وعلى الرغم من أن الأرقام الإجمالية تشير إلى أن الفتيان المنخرطين في عمالة الأطفال أكثر من الفتيات، إلا أن هناك العديد من أنواع الأعمال التي تنخرط فيها الفتيات كالأعمال المنزلية والتسوّل، وإلا فسيكون الزواج المبكر مصيرهن المحتم و في بعض الاحيان الاغتصاب، و التيه وراء حياة ينشد من ورائها سعادة، الا انها و في كثير من الاحيان تقود الى مجهول غامض.
و تتشعب رؤى المختصين و تتداخل حول اسباب الظاهرة فمنهم من يرى
أنه توجد قوانين زاجرة لكن المشكلة في تطبيقها، وفي هذه الحالة بالذات المشكلة ليست في القصور عن تطبيق القانون، وإنما في المجتمع الذي لا يمكنه أن يستوعب تطبيق تلك القوانين. المجتمع يعيش فقرا مدقعا”.
ويؤكد ذلك أن الكثير من الأسر الموريتانية تعيش على سواعد أبنائها القصّر “فإذا منعتهم من ذلك فعليك أن تقدم البديل، ومادامت الدولة عاجزة عن سد تلك الثغرة، فإن النتائج ستكون عكسية وكارثية”.
و منهم من يراها من زاوية أخرى و هي
أن عمالة الأطفال هذه ظاهرة ينتجها الفقر والجهل وغياب الدولة، إضافة إلى طبيعة المجتمع الموريتاني الحديث والتي سمحت بتشكّل فئة تقبع تحت فقر مدقع تسكن مناطق عشوائية لا تصلح للاستخدام الآدمي” بينما يمتهن اطفالهم مهنا لا تكاد تسد حاجة الطفل فما بالك بأسرة هو معيلها..!!!.
هذه الظاهرة و ما يصاحبها من (ظواهر) تستدعي من الدولة (الحاضر الغائب)استراتيجية و خارطة طريق برؤية ثاقبة تحد منها و لتقضي عليها عبر وقت، أكيد لن يكون قصيرا، و لن يكون طريقه مفروشا بالورود و مع ان القضاء عليها لن يكون بعصا سحرية فلا بد من
جهد حقيقي، و وضع قوانين رادعة و ايجاد بدائل للتسرب المدرسي و وضع منهجية تشرك الجميع في خيرات هذا البلد و تسييره..