الراصد : قضية البنكـ المركزي، قضية كبيرة و لا يجب النظر إليها من زاوية اعترافات الموظفة المسؤولة عن الصندوق الذي اختفى منه 2.4مليون دولار.
فالسيدة بحكم موقعها كانت ستشملها هذه القضية في كل الأحوال، لكن الدائرة أو الشبكة التي ساهمت بالتخطيط و استغلال النفوذ لاختلاس هذه الأموال أو توظيفها في عمليات غير نظامية أو كانت وراء ضرب القلب النابض و المحرك الفعلي للإقتصاد الوطني هي المسؤول الحقيقي عن ما جرى.
و أنا هنا أحلل لأن المعلومات شحيحة، و ما نشاهده و نسمعه من معلومات لم يصل حد تفسير أو تبرير ما حدث، بالنظر إلى الجهة المستهدفة و جسامة العملية و تأثيراتها السلبية المحتملة.
بل إن بيان البنكـ المركزي الذي أصدره اليوم، بقدرما أكد اعتراف الموظفة بالمسؤولية ، إلا أنه دان نفسه بإشارته إلى وجود تقصير و إهمال في آلية العمل داخل البنكـ المركزي.
إن استهداف أكبر مؤسسة مالية في البلد، لا يمكن أن يكون صدفة؛ كما أن الفساد الذي تعود القيام بعمليات اختلاس كبيرة له أساليبه المعروفة و من الصعب أن يسقط ضحايا إلا الضحايا من الحلقات الضعيفة، فالكبار دائما ينجون بجلودهم و بالأموال التي يسرقونها من خزينة الدولة.
إنها قضية فعلا محيرة، و مما يزيد حيرتي هل اكتشاف العملية جاء بالصدفة؛ فالعملية شبيهة بعملية وقعت قبل سنوات في مؤسسة مالية تابعة للدولة عندما جاء أحد زبائنها و هو وزير سابق لسحب أمواله من أحد الصناديق المغلقة و هي صناديق يقر الزبون بأنه سيودع فيها أمواله لعدد من السنين، و كعادة المسؤول في تلك المؤسسة، أجاز له سحب أمواله ليكتشف أن الصندوق فارغ و ليبدأ مسلسل سيكشف عملية اختلاس كبيرة في المؤسسة و بعض المشتركين فيها تمكنوا من الفرار إلى الخارج قبل انكشاف أمرهم.
ما أخشاه أن تكون العملية جزء من مخطط أكبر لضرب الاقتصاد الوطني !
لكن من له مصلحة في ذلك؟
و لماذا في هذا التوقيت ؟
هذه القضية لا يمكن ربطها حتى الآن بالمتغيرات السياسية و لا بالإرهاب أو بالجريمة المنظمة رغم أن جميع هؤلاء قد يكون مستفيدا من ما يحدث، بالرغم من أنه وهذا احتمال آخر وارد قد يكون المستفيد جناح من الفساد خسر الصراع على مفتاح الصفقات المالية الداخلية والخارجية فأراد أن يهدم المعبد على الجميع.
و لا يمكن تحميلها لموظفة تعمل في مفترق طرق من المصالح المتشابكة؛ وحدها تحقيقات نزيهة و شفافة يمكنها الوصول إلى الحقيقة و كشف المستور.