الراصد : أظهر القانون النظامي الجديد الخاص بمحكمة العدل السامية والمعدل للقانون رقم 21-2008 تناقضا صريحا مع القانون الجنائي الموريتاني ،وذالك من خلال تعريفه لجريمة الخيانة العظمى
حيث أن التعريف في القانون الجديد الخاص بمحكمة العدل السامية جاء بمفهوم مطاط يعطي انطباعا بطابع سياسي ..وذالك عندما اشار أنه لايكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن الافعال التي يقوم بها أثناء ممارسته لوظائفه فيما عدا حالات الخيانة العظمى.
والوقائع التي تشكل حالات الخيانة العظمى حسب النص الجديد فهي:
حالات اخلال رئيس الجمهورية بواجباته بشكل يتعارض مع ممارسة وظائفه.
كل اجراء يمس من خلاله رئيس الجمهورية الدستور أو يعيق ممارسة نشاطه أو نشاط البرلمان.
رغم ذالك فشل القانون في تحديد نوع وطبيعة التهم الموجهة لرئيس الجمهورية،كما أنه بالرجوع الى الفقه وقوانين اجنبية أخرى نجد هم يتحدثون عن حصر مسؤولية رئيس الجمهورية في الخيانة العظمى فقط،وربما كان ذالك من وراء تعديل القانون بحيث نص على الخيانة العظمى ومفهومها الا أنه تجاهل تصرفاته الاخرى أثناء ممارسته لمهامه.
أما فيما يخص القانون الجنائي ،فإن المبدأ العام في القانون ان رئيس الجمهورية غير مسؤول عن تصرفاته اثناء ممارسته لوظائفه باستثناء تلك المتعلقة بالخيانة العظمي وتلك حددتها المواد 67 و68 من القانون الجنائي الموريتاني:
يرتكب جريمة الخيانة العظمى ويعاقب بالاعدام كل موريتاني وكل عسكري أو بحار في خدمة موريتانيا :
يحمل سلاحا ضد موريتانيا
يقوم بالتخابر مع قوة أجنبية
تسليم قوات موريتانية أو أرض أو قلاع أو حصون ....الى قوة اجنبية
اتلاف او افساد سفينة..
كما نصت المادة 68 من نفس القانون على تعريف الخيانة العظمى بارتكاب جرائم اثناء الحرب كالعملة للعدو عن طريق التجسس او عرقلة مرور العتاد العسكري او اضعاف الروح المعنوية للجيش..الخ
ومادام الهدف من تعديل قانون 21-2008 هو أنه لم ينص علي مسؤولية رئيس الجمهورية حتي انه لم يتطرق لمفهوم الخيانة العظمي ،إلا أنه ربما لم يوفق في تجسيد المواءمة مابين القانونين (قانون محكمة العدل المعدل والقانون الجنائي)،وهي ثغرة قد تشكل حجر عثرة لقضاة المحكمة في حالة تعهدهمفي قضية يتهم فيها الرئيس.
والجدير هنا بالذكر أن عدم مسؤلية رئيس الجمهورية اثناء ممارسته لوظائفه متأتية مما يتمنع به من حصانة.