المستشفى الوطني حيث لا صوت يعلو على أصوات المرضى!

سبت, 09/02/2019 - 10:07

بين مجموعة من الأسرّة المهترئة والمرضى الذين يئنون تحت وطأة الألم والمعاناة، يتكئ محمد محفوظ ولد محمد على سريرته وهو مواطن موريتاني من مواليد 1964 في مدينة العيون شرق البلاد. له ست بنات إحداهن متزوجة وثلاثة أبناء صغار، يقبع الرجل الآن في المستشفى الوطني على إثر تفاقم حالته الصحية، حيث ظل يعاني منذ تسع سنوات مع المرض؛ عندما اكتشف في مكان عمله بالسنغال إصابته بالتهاب الكبد الوبائي، وظل يعالج نفسه بمجهوداته الخاصة ويعيل أسرته رغم الفاقة والدخل المحدود، لكنه منذ سنتين لم يعد قادرا على العمل فعاد إلى الوطن مستسلما للأمر الواقع ليجد نفسه في معاناة متواصلة، ليس فقط بسبب المرض وإنما أيضا نتيجة عدم قدرته على إعالة زوجته وأطفاله.

هنا على هذا السرير

عشرون يوما على السرير هنا في المستشفى الوطني، ترافقه زوجته زينب منت حمه والتي لا تعمل هي الأخرى وأعربت لتقدمي عن حجم معاناتها هي وبناتها و أبناؤها، نافية أن تكون قد تلقت مساعدة من الجهات الرسمية أو من المنظمات غير الحكومية “وإن كانت إحدى المنظمات زارتنا وسجلت حالتنا ولكننا لم نتلق حتى الآن أية مساعدة”.

لقد عجزت عن توفير الحقنات اليومية الضرورية لزوجي لأن ثمنها باهظ ومنذ خمسة أيام توقف عن تلقي تلك الحقنات لأننا لا نملك ثمنها تقول زينب بملامح يبدو عليها العجز والعوز.
وعلى الرغم من اكتظاظ المستشفى بالمرضى إلا أن الأسرة تبدو متهالكة والجو تفوح منه الروائح السيئة وإن كان الكثير من المرضى لم يقبلوا التحدث عن هذا الأمر، ولا ندري إن كان ذلك بسبب أوامر صادرة من الإدارة أم أنها حالة من اليأس والإحباط تضرب بأطنابها على نفوس هؤلاء.

- إهمال ولا مبالاة سوى ب..:

أما عن تعاطي الأطباء مع المرضى في المستشفى فتقول السيدة زينب إنه تعاط فاتر، وخاصة إذا لم يكن المرء ممن أصحاب الحظوة أو رؤوس الأموال، فالفقراء ليس لهم سوى الله أما العباد فلا يعول عليهم على حد تعبيرها.. إننا هنا منذ خمسة أيام بدون دواء لأننا لا نملك ثمنه، تكرر المرأة والدموع تتحدر من عينيها في عجز تام.
جو من الإهمال واللامبالاة وغياب “لملاك الرحمة” كما هو معروف في كل أنحاء العالم؛ فالمستشفى هنا مصدر معاناة إضافية للمرضى يزيدهم مرضا على مرضهم الاصلي كما يقول محمد محفوظ.
إنه نموذج من عدة نماذج أخرى لما عليه الحالة الصحية في البلاد، وحالة إنسانية مزرية تكشف عن حجم الكارثة والمستوى الصحي المتدني لمستشفياتنا، وما يعانيه الفقراء والمعوزون، ممن لا يملكون ثمن شراء الخبز أو شراء الدواء في وسط صحي لا يتقن سوى التحدث بلغة النقود على حد تعبير زينب منت حمه وليست فيه قيمة للإنسان ولا لمعاناته.

 

تقدمي/ سيدي محمد ولد محمد محمود