حتى لا يحارب الفساد آخرون ../ذ.محمد الراظي أمين

أحد, 09/11/2025 - 11:30

الراصد : تُعدّ هيئات الرقابة ضمانة أساسية لترسيخ مبدأ الشفافية وصون المال العام وترشيده، وهي السدّ المنيع في وجه الفساد المالي والإداري، من خلال مراقبة المسؤولين وضمان التزامهم بالإجراءات القانونية والتنظيمية والادارية. إن ضعف أداء هذه الهيئات ينعكس سلبًا على الوطن بأسره، بينما تُمكّن قوتها من كشف التجاوزات، وإصدار التوصيات اللازمة لتفادي تكرارها، والحد من انتشار الفساد مستقبلاً.

ولتعزيز دور هذه الهيئات، لا بدّ من منحها الاستقلالية التامة، وتزويدها بالكفاءات القائمة على الخبرة والنزاهة والاستقامة، مع توفير الإمكانيات المالية واللوجستية الضرورية لأداء مهامها على الوجه الأكمل. كما يجب الحرص على تسييرها بشفافية تامة، لأن البياض قليل الحمل للدنس، وعلى أخذ توصياتها بجدية خوفًا من الوقوع في براثن الإفلات من العقاب.

إن الوقوف أمام ممارسات الفساد، وتشجيع الاستقامة، وترسيخ مبدأ المكافأة بدل التركيز على العقوبة، كلها خطوات تصنع مواطنين أكفاء يدركون أن للكفاءة والنزاهة قيمة حقيقية تنعكس إيجابًا على المجتمع، وتجعلهم قدوةً لغيرهم، بدل أن يكونوا ضحايا للإحباط والتهميش الناتج عن التمسك بالمبادئ.

فقوة الدول لا تُقاس بمواردها فحسب، بل بوجود أجهزة رقابة فعّالة، مستقيمة، وشفافة، تكشف التجاوزات وتمنع تكرارها من خلال التوصيات البناءة، لتُسهم في بناء دولة مؤسسات قائمة على الثقة، ومتجذّرة في أسس صلبة بعيدة عن الفساد الإداري والمالي والأخلاقي والديني.
   مع كامل الود