بيرام: حرب غزواني على الفساد شكلية والبرلمان رُوّض بالامتيازات

خميس, 30/10/2025 - 11:05

الراصد : وصف النائب البرلماني بيرام ولد الداه ولد اعبيد ما أعلن عنه الرئيس محمد ولد الغزواني حرب على الفساد التي أعلن عنها بأنها "حرب شكلية بلا أسلحة وبلا نتائج، ولا أثر لها في الواقع".

 

وقال الداه اعبيد – في بيان - إن ولد الغزواني "لم يتحرك إلا بعد فضيحة تقرير محكمة الحسابات، وبخطوات رمزية لا تغير واقع نهب الدولة ودمار المؤسسات".

 

وأضاف أن البرلمان "رُوّض بالامتيازات والمنافع الخاصة، فتحول إلى غرفة صامتة لا هم لها سوى التزكية والتصديق على قرارات الحكومة، بدل أن يكون سلطة رقابة وتشريع، وأن لجنة التحقيق البرلمانية لعام 2020 لم تكن سوى مناورة سياسية وأداة لتصفية الحسابات، لا خطوة جادة في محاربة الفساد".

 

ولفت إلى أن هيئات الرقابة تعاني "من نقص كبير في الموارد البشرية، وتدهور البنية الإدارية، مما يجعل نتائج عملها هامشية وغير مؤثرة، كما أن هيكل الإدارة العمومية، وآليات التعيين، وضعف القدرات المؤسسية، وغياب التقييم الموضوعي للسياسات العامة، كلها عوامل جعلت من المال العام فريسة سهلة في أيدي قلة لا تعرف سوى منطق الغنيمة".

 

وأردف ولد اعبيد أنّ عمليات الرقابة السنوية لا تتجاوز سوى 5% من مجموع النفقات العامة التي تتجاوز ألفين مليار أوقية، وهو رقم يفضح - وفق تعبيره - هشاشة المنظومة الرقابية برمتها.

 

ووصف ولد اعبيد من قدم للمحاسبة بتهمة الفساد على مدى العقود الثلاثة الماضية، بأنه "عدد محدود من الموظفين، وغالبا ما يكون ذلك في إطار تصفية حسابات سياسية، وفي الكثير من الأحيان تمت تبرئتهم، في مشهد يعكس سياسة الإفلات التام من العقاب".

 

وذكر الداه اعبيد، أن الفساد "أصبح نظام حكم متكامل، يقوم على المحاباة، والولاءات الشخصية، وبتواطؤ من النخب السياسية والمالية، وأن مواجهته تتطلب إصلاحاً جذريا وشاملا في بنية الدولة ومنظومتها التشريعية والإدارية".

 

 

فيما رأى ولد اعبيد أن للفساد جذور تعود جذور "إلى طبيعة النظام السياسي القائم على حزب الدولة، الذي جعل من الانتماء الحزبي صك براءة، ومصدرَ حماية للمسؤولين الذين ينهبون المال العام دون رادع، وجعل من الوظيفة العمومية وسيلة للإثراء غير المشروع، وتحولت الإدارة إلى ذراع انتخابية للحزب بدلا من أن تكون جهازا وطنيا لخدمة المواطنين".

 

ورأى أنه لإنقاذ البلاد من هذا "الدمار المؤسس،  فصل الدولة عن الحزب الحاكم، ووقف المواكب السياسية باسم الدولة، وإصلاح آلية إعداد قوانين المالية، وتعزيز قدرات محكمة الحسابات وأجهزة الرقابة، والاستعانة بمكاتب تدقيق دولية مستقلة لمراجعة قوانين المالية ودعم عمل أجهزة الرقابة الوطنية".

 

وتضمنت مقترحات ولد اعبيد ضرورةَ إخضاع الرئاسة والوزارة الأولى لرقابة محكمة الحسابات ونشر نتائجها ضمن التقرير العام للمحكمة لضمان الشفافية في أعلى هرم السلطة، وتفعيل الدور الرقابي للبرلمان بإنشاء 5 لجان تحقيق سنوية علي الاقل، ومساءلات أسبوعية علنية للحكومة أمام النواب.

 

ومن بين مقترحات ولد اعبيد لمكافحة الفساد، إصلاح الإعلام العمومي بشكل جذري وتحويله من "أداة للدعاية والتطبيل إلى فضاء حر للتعددية والرقابة الشعبية، وإخضاع جميع العقود والاتفاقيات الدولية للمراجعة من قبل هيئات حكومية ومكاتب مستقلة، و إطلاق نقاش وطني عاجل وشامل حول الفساد ونهب المال العام".

 

كما اقترح ولد اعبيد إصلاح نظام التعيينات باعتماد مبدأ الكفاءة والاستحقاق بدل الولاء السياسي والمحاباة القبلية، وتفعيل آليات المراقبة، ورقمنة الخدمات والإجراءات الإدارية، و سنّ قانون صارم لتضارب المصالح يمنع كبار المسؤولين وأقاربهم من الدخول في الصفقات العمومية أو الاستفادة منها بشكل مباشر أو غير مباشر، مع مراجعة واسعة للصفقات العمومية عبر نشر جميع العقود الكبرى على منصات مفتوحة تُمكّن المواطنين من الاطلاع عليها.

 

ولفت إلى أن ما يكافح الفساد هو إعادة الاعتبار للقضاء، واسترداد الأموال المنهوبة بملاحقة المتورطين داخل وخارج البلاد، واللجوء إلى التعاون القضائي الدولي لمتابعة شبكات الفساد واسترجاع الأصول المختلسة، وحماية المبلّغين عن الفساد من أي ملاحقة إدارية أو قضائية، ومراجعة النظام الانتخابي لضمان تمثيل حقيقي للشعب وتقليص تأثير رأس المال السياسي والقبلي على العملية الانتخابية، وتوجيه جزء معتبر من الميزانية إلى التعليم والصحة والتشغيل.