
الراصد : اسمي محمدي الشنقيطي، صحفي موريتاني ومدير موقع ومنصة "عاجل" الإخبارية. أكتب إليكم من زنزانة لا تتجاوز أمتارًا معدودة، بلا نافذة مفتوحة على السماء، لكن قلبي مشدود إلى الهواء الحر، حيث الحقيقة لا تُكبل.
جريمتي؟ أنني نشرت خبرا.
لا، بل منحت صوتًا لرجلٍ مظلوم. استضفت مواطنًا سعوديًا على منصتي، يروي مظلمته ضد أحد المتنفذين، الذي اتضح فيما بعد انه صهر الرئيس الحالي، ولد لغزواني. مع فتحي لباب الرد مهما كانت طبيعته
لم أصرخ ولم أحرّض على أحد، كل ما قمت به هو أني أوصلت صوته المدعوم بحجج قوية و احكام صادرة عن محاكم مختصة
ويبدو أن هذا وحده كان كافيًا ليصنفوني خطرًا.
أعرف أن ما حدث معي لم يكن مجرد إجراء قانوني، بل رسالة: من يتجاوز الخط الأحمر.. يُعزل.. يُكمم ويُداس.
لكنها رسالة لن تُخيف من احترف الكتابة في العراء، ومن واجه أنواع القمع والتنكيل
من هنا، من داخل الجدران، أتابع بصمت ما يحدث في الخارج.
لا شيء تغير: الفساد يتمدد، والعدالة تنتقي، والحريات تُصادر كما تُصادر الأوراق من يد صحفي في زنزانة.
أنا مستهدف؟ نعم.
لأني اخترت أن أكون مع المظلوم لا مع الظالم، مع الكلمة لا مع الصفقة، مع الحقيقة لا مع الخوف، مع القوى الحقوقية والسياسية الشابة الأكثر جدية و وطنية في البلاد لا مع القطيع .
لا أكتب لأطلب شفقة.
بل لأؤكد أن صوتي وإن حاصرتموه، لن يُسكت.
وأن منصتي وإن أغلقتموها، ستعود. لأن "عاجل" لم تكن مجرد موقع، او منصة، بل كانت وعدًا بأن لا تظل الحقيقة رهينة الصمت.
محمدي الشنقيطي
من خلف القضبان،
يوم آخر في مهنة المتاعب.