بنية الإنقلابات و الإنفصام بين النظام و رأسه….

خميس, 10/04/2025 - 06:44
الكاتب / عباس ولد برهام

الراصد : بُنية الانقلابات الموريتانية هي انفصام ما بين النظام ورأسِه. فتقوم المنظومة بحماية نفسِها بفصل رأسِها وإنبات رؤوس جديدة لميدوزا. هذا ما فعلوه في حرب الصحراء وما فعلوه بُعيد لمغيطي. ذكَر ولد ابرَيْد الليل في آخر مقابلاتِه أنّ عهد الانقلابات قد ولّى. ولم يُقدّم لذلك سبباً غير روح العصر. وهيكلياً يبدو أنّ العسكر حصّلوا نظاماً للتدرّج وللتوريث يقوم على الرئاسة بالأسبقية، وعلى فترة تربّص في رئاسة البرلمان، كما على توازنات ضُباطية تغدو جهوية أو لوبية أو تصاهرية أو بزنسية. 

ولكن فكرة خطورة الرئيس على المنظومة لم تُتجاوز. رئيس البلد اليوم يُشكّل خطَراً على المنظومة. وهو أكبر مساهِم في التوتّر العرقي بسياساته التوزيعية والقمعية. فقد سجَن الكثيرين على نقدِه شخصياً. وصرنا على شفير فتنة بسبب عطَن شخصٍ واحِد. ولا يوجد في تقاليدنا الصحراوية عبادة الرئيس، كما هي في بعض الحواضِر ذات التاريخ السلطوي والبلاطي، وإن يوجد في تقاليدنا احترام المقام. وقد تورّط في أكبَر قمع للجمهور بعيد انتخابات 2024. وكثيرٌ من أنصاره يحملون الحطَب يومياً للفتنة. ولم ينجح في تسيير أيّ انتخابات شفافة أو القيام بأيّ حوارٍ وطني. وتوغّلَ في الفساد. وقد أدّى نظامُه الاقتصادي إلى أزمات قويّة تُهدّد بتحويل اقتصاد الكفاف إلى اقتصاد الغصب. والآن يسجن الناس على وصفه بالحشرات (لكلمات "الصراصير" و"القردة"، التي استُخدِمت مؤخّراً في السياسة تاريخ عنصري وإبادي، ولكنّها ليست في حدّ ذاتِها مدعاة لللسجن). ولا يمكن للمنظومة الفاسِدة أن تنهَب ليلاً نهاراً ثمّ تعترِض على إساءة من مسحوق. الحِلم أسّ الدولة. ولا يمكن بناء الدول بالترندات وما يتعلّق بها من المشاعِر الملتهِبة. بل إنّ السياسة هي التعالي على تلك الأهواء والشحناء. وذلك ما يُحتاجُ فيه للرياسة والسؤدد أصلاً.