
الراصد : تعيش موريتانيا مرحلة سياسية حساسة ، حيث تتزايد الدعوات المطالبة بالإصلاح و التغيير الجذري للنظام القائم . في قلب هذا الحراك ، يقف الناشط الحقوقي و السياسي الرئيس بيرام الداه اعبيد ، المعروف بمواقفه الصريحة ضد الظلم الاجتماعي ، و نضاله المستمر من أجل إلغاء الرق و تعزيز الديمقراطية . يستند الرئيس بيرام في مشروعه السياسي إلى رؤية إصلاحية تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي ، و ضمان العدالة و المساواة لجميع الموريتانيين . ھنا نسلط الضوء على أبرز محاور خطته الوطنية ، و كيف يسعى لتحقيق التغيير المنشود .
اولا - توحيد صفوف المعارضة : ضرورة إستراتيجية
يعتبر فخامة الرئيس بيرام أن المعارضة الموريتانية تواجه تحديا كبيرا يتمثل في الانقسامات الداخلية ، و التي يستغلها النظام الحاكم لإضعاف أي تحرك جاد نحو التغيير . و لتجاوز هذا العائق ، يدعو الرئيس إلى وحدة صفوف المعارضة على أسس وطنية ، بعيدا عن المصالح الفردية و التجاذبات السياسية الضيقة . و يؤكد الرئيس أن تشكيل جبهة معارضة موحدة هو الخطوة الأولى في مسار التغيير الحقيقي ، إذ إنه يعزز قدرة المعارضة على التأثير السياسي ، و يضع النظام تحت ضغط شعبي أكبر .
ثانيا : مواجهة محاولات تفكيك المشروع الإصلاحي
يشير الرئيس بيرام إلى وجود مخطط حكومي يستهدف تفكيك المعارضة الجادة ، و خاصة مشروعه السياسي و حزب الرك و حركة إيرا الحقوقية ، باعتبارهم يشكلون البديل الديمقراطي الأكثر تهديدا للنظام . و يؤكد أن السلطات توظف و سائل مختلفة ، من التضييق السياسي إلى الممارسات الإدارية التعسفية ، لمنع المعارضة من الوصول إلى الشارع ، و التأثير في الرأي العام . هذه السياسات ، تعكس مخاوف النظام من التغيير الحقيقي القادم ، لكنها في الوقت نفسه تؤكد أن المعارضة تمتلك القدرة على فرض واقع جديد إذا توحدت إرادتها .
ثالثا : الدعوة إلى انتفاضة سلمية منظمة
الرئيس بيرام يؤكد أن أي تغيير جوهري لا يمكن أن يتحقق دون ضغط شعبي منظم . و لهذا ، يدعو إلى انتفاضة سلمية تبدأ بالتوعية الجماهيرية و تنتهي بحراك ميداني سلمي ، يمكن أن يتجسد في اعتصامات و مسيرات سلمية في العاصمة نواكشوط و باقي الولايات . و أن هذا التحرك يجب أن يكون منضبطا و مبنيا على رؤية واضحة ، لتفادي الفوضى و الانزلاق نحو العنف الذي يدمر و لا يبني . الرئيس بيرام الدھ اعبيد يعبر عن استعداده الكامل لقيادة هذا الحراك بنفسه ، مؤكدا أن الوقت قد حان لتغيير الواقع السياسي الذي يتصف بالظالم و غير العادل .
رابعا : رفض الحوار السياسي بصيغته الحالية
الرئيس بيرام الداھ اعبيد يؤكد أن أي حوار سياسي يجب أن يكون جادا و شاملا ، لا مجرد و سيلة لاحتواء المعارضة دون تقديم حلول حقيقية تلامس المشكلات المطروحة . أما الحوار الذي تدعو إليه الحكومة يفتقد للمصداقية و الموضوعية ، حيث إنه لا يعالج القضايا الجوهرية مثل نزاهة الانتخابات ، و ضمان مشاركة جميع المواطنين دون تمييز ، و وقف الممارسات الإقصائية التي تعاني منها فئات واسعة من المجتمع . و عليھ فإن الرئيس بيرام يرفض الانخراط في أي حوار لا يضمن تحولا ديمقراطيا حقيقيا و جاد ، و يشدد الرئيس على ضرورة توفير ضمانات فعلية لأي عملية سياسية مستقبلية .
خامسا : بناء وحدة وطنية قائمة على العدل و المساواة
يضع الرئيس بيرام مفهوم الوحدة الوطنية في صلب مشروعه السياسي ، لكنه يرفض الصيغ التقليدية التي تعتمد على الشعارات دون إجراءات فعلية . يرى أن الوحدة الحقيقية لا تتحقق إلا عبر العدالة الاجتماعية ، و ضمان حقوق جميع المواطنين دون تمييز . و من هذا المنطلق ، يتعهد الرئيس بيرام عند وصوله إلى السلطة بإطلاق مشروع وطني للمصالحة ، يعالج مظالم الماضي ، و ينهي كل أشكال التفرقة ، سواء كانت عرقية أو اجتماعية أو اقتصادية . كما يؤكد التزامه بإعادة توزيع الثروة الوطنية بشكل أكثر عدلا ، كي يستفيد منها الجميع ، و ليس فقط فئة محدودة مرتبطة بالنظام .
سادسا : تحقيق التنمية و العدالة الاجتماعية
يركز الرئيس بيرام على البعد الاقتصادي و الاجتماعي في مشروعه الإصلاحي ، حيث يؤكد أن الفقر و التهميش هما من أبرز أدوات النظام للحفاظ على السيطرة . و يرى أن التنمية المستدامة يجب أن تكون أولوية في أي تغيير سياسي ، و ذلك من خلال وضع سياسات اقتصادية تضمن توزيعا عادلا للموارد ، و توفر فرص العمل للشباب ، و تحسن الخدمات الأساسية مثل التعليم و الصحة . كما يدعو إلى إصلاحات زراعية و صناعية تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي ( ركيزة السيادة ) ، و تقليل الاعتماد على الخارج ، مما يعزز استقلالية القرار الوطني .
سابعا : التغيير كضرورة وطنية ملحة
يؤكد بيرام الداه اعبيد أن التغيير في موريتانيا لم يعد خيارا ، بل أصبح ضرورة ملحة تفرضها أوضاع البلاد السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية . و أن استمرار النظام الحالي بنفس السياسات القديمة سيؤدي إلى مزيد من الأزمات الخطيرة ، مما يجعل التحرك الجماهيري أمرا حتميا . و رغم كل التحديات التي يواجهها ، فإنه مصرًا على مواصلة نضاله حتى تحقيق الأهداف التي يؤمن بها كل افراد المجتمع الموريتاني ، سواء من خلال الانتخابات أو عبر الحراك الشعبي السلمي .
و في الأخير يطرح مشروع الرئيس بيرام الداه اعبيد رؤية سياسية متكاملة تهدف إلى إعادة تشكيل النظام السياسي في موريتانيا ، من خلال إنهاء التهميش ، و ضمان العدالة ، و تعزيز الديمقراطية . و رغم العراقيل المطروحة في وجھ الإصلاح ، فإن وجود تأييد شعبي واسع لأفكاره يشير إلى أن التغيير أقرب مما يتوقعه الكثيرين المقرر بھم .
مكي عبد الله عضو و ناشط في منظمة إيرا الحقوقية و عضو في حزب الرك
انواذيب بتاربخ : 19/02/2024