الراصد : .. هما من أبرز العوامل التي أدت إلى انزلاق بلاد التناقضات الكبرى في مستنقع هشاشة الدولة وعدم استقرارها. فحين يغيب الإدراك العميق للماضي وإرثه الثقافي والاجتماعي، يصبح من الصعب بناء رؤية مستقبلية واضحة تعزز أسس الدولة الراسخة.
التاريخ ليس مجرد حكايات تُروى، بل هو مرآة تعكس هوية الشعوب ووعيها بذاتها، وأداة لفهم التحولات التي مرت بها الأمم.
غياب المراجع التاريخية الموثوقة يفتح الباب واسعًا أمام تشويه الحقائق وخلق روايات زائفة تستغلها القوى المتنازعة لتبرير مصالحها. هذه الفجوة المعرفية تعمق من حالة التشرذم، حيث تضيع المجتمعات بين التفسيرات المتناقضة لتاريخها، ما يؤدي إلى ضعف الروابط المشتركة بين أفرادها وزيادة الانقسامات الداخلية.
بلاد التناقضات الكبرى تعاني من حالة فريدة من الصراعات بين الماضي والحاضر، حيث تتنازع بين إرث ثقافي مشوش وطموح حداثي غير مستقر. هذا التناقض يعكس نفسه في السياسات الداخلية والخارجية، مما يجعل الدولة رهينة لصراعات الهوية والولاءات المتضاربة.
الحل يكمن في استعادة الوعي الحضاري من خلال توثيق التاريخ بشكل موضوعي بعيدًا عن الأهواء الأيديولوجية، وإعادة بناء مؤسسات تعليمية وثقافية تعزز من فهم المجتمع لتاريخه وتخلق روابط مشتركة بين أفراده. فالدولة الراسخة لا تقوم على التحزب والصراعات، بل على قاعدة صلبة من الوعي والمعرفة التي تضمن استقرارها ونموها.