الراصد : سِيدِ ذَاكْ اَلْجَاكُمْ @ فَـاتْ أكَبَلْكُمْ جَانَ @ وَ اسْوَ عَادْ اَمْعَاكُمْ @وَ اسْوَ عَادْ اَمْعَانَ
يحكى أن الإمام مالك رضي الله عنه، سئل عن الحكم الشرعي في الرقص فقال لا أعرفه فحرص الناس على الاحتياط لدينهم وقرروا إحضار راقص بارع إلى مجلس الإمام مالك ليرى بأم عينيه ذاك الذي يسمى الرقص، فلما شاهد الإمام ما يقوم به الرجل رد بعبارة مختصرة هي ” هذا لا يصدر عن عاقل”…
و في مروياتنا الشعبية يقال أن الراقص لو رأي نفسه في المرآة لتوقف فورا عن الرقص ..
و لكي لا ينزعج مني من ينظرون للرقص كفن إنساني راق له إيقاعته و إبداعاته الآخاذة و إن كان ارتبط بالبهلوانية لدى بعض الشعوب الراقصة التي تعبتره جزء من موروثها الثقافي، و حتى من مورادها الاقتصادية و السياحية – لكي لا ينزعج مني هؤلاء – سأبدل الرقص بالتصفيق و هو ملازم له ، لكننا نتحدث هنا عن التصفيق بالقلوب والعقول بالحركات والسكنات بالعبارات و الإشارات بالأيادي و “الأرجل” ..و بعبارة أخرى أقصد التصفيق “التصفاك” الذي دمر البنية الأخلاقية و السياسية و المنظومة المجتمعية خلال عقود الردح و العبث التنموي الأخيرة
ما نشاهده اليوم في ولاية اترارزة من شحن و حشد سياسي بليد و تافه و ممجوج من وجوه درجت على هذه الكرنفالات الكاذبة من أيام الحزب الواحد لغاية أيام الحزب “الموحد” مرورا بأيام و ليالي هياكل تهذيب الجماهير و الحزب الجمهوري و حزب “عادل” و الاتحاد من أجل الجمهورية بمرجعيته الأولى في عهد الملهم الفذ رئيس العمل الاسلامي منقذ موريتانيا من الانهيار الزعيم الرمز محمد ولد عبد العزيز ، و بمرجعيته الثانية في عهد الزعيم الرمز محمد ولد الشيخ الغزواني
إنها نفس الوجوه و نفس الحشود و نفس العبارات، و لو استرجعنا شريط نشرات الاخبار السابقة لكان علينا فقط استبدال صورة الرئيس الذي لم يعد رمزا و لا مرجعية و لا ملهما و لامصلحا و لا قائدا بصورة الرئيس الجديد الذي تحولت إليه تلك الصفات الحميدة و الالقاب الفارهة…
ما ذا أصاب قوم وطني؟ متى سيفكرون في موريتانيا ؟، بل متى سيخجلون من أنفسهم و من أبنائهم و من وخز ضمائرهم إن كانت لهم ضمائر ؟
كم أجهضوا بمهرجانتهم التملقية السخيفة من بوادر الإصلاح و مشاريع التنمية في هذه البلاد ؟
بالله عليكم ما هي مبررات هذه الحشود و الصراعات التي تشتعل مع كل زيارة للرئيس داخل البلاد
و السؤال الكارثي هو لماذا تقبل الدولة كل هذا الهراء و العبث السياسي الذي يغرق مهمة الرئيس الأصلية في مستنقعات التضليل و التطبيل السياسي الآسنة و الآثمة...
و السؤال الأكثر كارثية هو هل يصدق الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أقوال و افعال هؤلاء؟ و هل يعول عليهم كحاضنة سياسية لمشروعه التنموي ؟، ما ذا سيقدم هؤلاء لغزواني أكثر مما قدموا لولد عبد العزيز؟ ، ألم تخرج له نفس الوجوه بنفس الشعارات والكرنفالات ؟
ألم يتنكروا لولد عبد العزيز الذي يواجه اليوم مصيره البائس و هو الذي أفرغوا في مدحه قواميس التملق و التزلف لدرجة إطرائه بالصفات الإلهية ؟؟
ألم يتنكروا “لمعاوية سيد” … معاوية”الخير جان بمجيكم”…؟ ألم يتنكرو لمطبق الشريعة الاسلامية مخمد خونا ولد هيدالة ، ألم يتنكرو للرئيس المؤسس المختار ولد داداه؟
و ما أسرع و أسوأ تنكرهم للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لحظة خروجه من السلطة
باختصار شديد متى تتوقف كرنفالات و مواسم الهجرة الى النفاق شمالا و جنوبا و شرقا و غربا وحيث ما يمم الرئيس وجهه في أي نقطة من نقاط هذا المنكب المنكوب بنخبه المتآمرة عليه ؟ حيث تشتعل “ماكاينات مهرجانات التطبلوجيا” و ترمي بحممها السامة في المشهد السياسي لتزيده تدهورا وقتامة
هل يدرك الرئيس أن هذه المهرجانات التزلفية تمثل المؤشر الأول على فشل الزيارة و على فشل المشروع التنموي الذي تحرك لتدشينه أو وضع حجر أساسه؟
متى يتعافى المشهد السياسي من أوجاع هذه الظاهرة المرضية الخبيثة و الخطيرة؟
الى متى نشاهد هذه المشاهد السيئة المسيئة التي تشي بتخلفنا السياسي و التنموي والفكري والثقافي
هل بربكم تصدر مهرجانات الرقص و التصفيق بالأيادي و الأرجل هذه عن “عاقل” أو عقلاء غيورين على حاضر و مستقبل هذه البلاد ؟
و ما أروع وأبدع نزار قباني حين (يقصدنا) قائلا :
كل يوم نأتي لسوق عكاظ
.. و علينا العمائم الخضراء
و نهز الرؤوس مثل الدروايش
و بالنار تكتوي سيناء
كل عام نأتي فهذا جرير
يتغنى وهذه الخنساء
لم نزل لم نزل .. نمصمص شعرا
و فلسطين خضبتها الدماء
همسة أخيرة في أذن صاحب الفخامة:
عندما فتح الرئيس المؤسس المختار ولد داده المذياع بعد أيام من عزله عن المحيط الخارجي وسمع ما سمع تبسم وتذكر قول الشاعر :
سِيدِ ذَاكْ اَلْجَاكُمْ /// فَـاتْ أكَبَلْكُمْ جَانَ /// وَاسْوَ عَادْ اَمْعَاكُمْ /// وَاسْوَ عَادْ اَمْعَانَ///
حفظ الله البلاد والعباد