الراصد : قالت نقابة أطر وموظفي وزارة المالية إن عدم اكتراث القائمين على تسيير قطاع المالية ومعاونيهم، للكم الهائل من التوجيهات والتعليمات الصادرة لهم، وللنصوص القانونية الناظمة للقطاع "زاد من تراكم الاختلالات وفاقم من تردي أحوال القطاع ومعاناة موظفيه والعاملين به".
وأضافت النقابة في بيان تلقت وكالة الأخبار المستقلة نسخة منه أن القطاع يعرف غيابا لمسك المسار المهني للموظفين بدء بالاكتتابات، مرورا بالتقدمات والترقيات، ثم التكوين المستمر وكذا المبدأ العام للعقوبة والمكافأة، فضلا عن غياب التطبيق الواعي والصارم للنصوص الناظمة للقطاع، والذي ترك أثره البارز على تسيير الوزارة.
وقالت النقابة إن القائمين على القطاع لم يراعوا جملة من المراسيم؛ كالمراسيم المحددة لشروط تعيين المحاسبين المقصورة حصرا على موظفي القطاع من الدرجة (أ و ب)، مؤكدة أن ما يزيد علي 90% من الوكلاء ليسوا موظفين وغير مؤهلين لمباشرة وظيفة المحاسب العمومي، كما يشير إلى ذلك المرسوم رقم 091 - 98، مما جعل المديرية العامة للميزانية تضطلع بدور المحاسب العمومي "محاسب بأمر الواقع".
كما تحدثت النقابة عن عدم تطبيق المرسومين رقم: 019- 2007، و049 – 2012، اللذين حددا النظام الخاص لأسلاك الإدارة العامة، وحصر التعيين في الموظفين المرسمين، يضاف إلى ذلك التجاوز والخرق البين للمرسوم (رقم 135-2005) المنظم لعمل المفتشية العامة للمالية.
ولفتت النقابة إلى تجاوز الآجال الزمنية للدخول في تطبيق مقتضيات القانون العضوي (رقم 2018-039) المحضر لإعداد ميزانيات البرامج المحددة بالمراسيم (رقم 116-2019؛ 196-2019).
وأكدت النقابة انعدام الرؤية الاستشرافية للقائمين على القطاع، معتبرة أن وجود هذه الرؤية كان سيجعل من القطاع قطاعا رائدا للتحديث والعصرنة في البلد بشكل عام، والقطاعات الحكومية بشكل خاص علي غرار نظرائه في شبه المنطقة، مردفة أن غيابها جعل منه قطاعا متقوقعا، كل هم القائمين عليه تسيير الأمور الجارية، مع ما يطبعها من ترهل وسوء تدبير، أهل موظفيه الجدد أن يعيشوا بطالة مقنعة يجوبون أروقة الوزارة جيئة وذهابا، مع إسناد للمهام لغير المؤهلين لها، في تجل واضح لغياب أي معيار للتعيين في الوظائف المصونة أصلا بالقانون للموظفين والمحجوزة واقعا للمحسوبية وأخواتها.
وشددت النقابة على أن البلاد لن تنعم بأي حكامة راشدة ما لم تحدث لفتة جادة ومتبصرة، لموظفي القطاع المالي (صندوق الدولة وملتقي طرق تمويل قطاعاتها ومشاريعها التنموية)، متسائلة: كيف بقطاع لا يحظى أعلى متصدري سلم الدرجات فيه (المفتشون الرئيسيون، ومفتشو الخزينة "بكالوريا + سبع سنوات و أربع سنوات علي التوالي" مع تجربة عشرين سنة) بمرتب موظف يلج صاحبه الوظيفة في إحدى القطاعات الحكومية بشهادة الدروس الإعدادية أدني شهادة لدخول أسلاك الوظيفة العمومية + سنتان من التكوين).
وأضافت أن أطر وموظفي وزارة المالية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تصامم القائمين على تسيير القطاع عن مطالبهم التي وصفتها بالعادلة والمشروعة، وكذا التجاوزات المتكررة بشكل يومي، فضلا عن التجاهل المتعمد للرسائل المودعة لدي ديوان الوزير، مؤكدة أنها ستستخدم في ذلك كل الوسائل والطرق التي تكفلها قوانين البلد.
وتحدثت في البيان المطول عن حرمان موظفي القطاع من توزيعات القطع الأرضية التي استفاد منها نظراؤهم في نقابات قطاعات العدل والتعليم العالي، وأفراد المؤسسة العسكرية... مع أنهم الأداة والوسيلة لتنفيذ تلك التوزيعات.
وتساءلت: هل من القدر أن يظل موظفو وعمال وزارة المالية محرومون من أبسط مقومات تحسين الظروف، وتعزيز الأوضاع المعيشية لأكثرية الموظفين المتعففين؟ أو ليس من المعيب أن يظل الموظفون في القطاع المالي وهم الذين أناط بهم المشرع تحصيل إيرادات الدولة في وضعية هشة أمام تغول مديري الشركات العابرة للقارات، وتطاول التجار ورجال الأعمال، فضلا عمن يسومهم سوء المعاملة من "متنفذي التسيير" حال التقيد بالنصوص الضابطة للمساطر والإجراءات، وكذا القوانين المعمول بها في العمل المحاسبي.
وذكرت النقابة بأنها نظمت العديد من الملتقيات والندوات عن الإصلاحات المالية والعقارية المفترض مباشرتها من الوزارة، مسترشدة في ذلك بما ورد في برنامج الرئيس محمد ولد الغزواني من تثمين للموارد البشرية، وتأكيده إعادة الاعتبار للموظفين ووكلاء الدولة، عبر تطبيق مبدإ المكافأة والعقوبة، وفقا للإجراءات المنصوص عليها في اللوائح التنظيمية، ومراجعة نظام أجور الموظفين ووكلاء الدولة لجعله أكثر تحفيزا وقدرة على المنافسة.
كما تعهد في برنامجه – وفقا للبيان - بالتركيز على تعزيز مكافحة الرشوة وهدر المال العام وسوء التسيير، وهو ما سيتجسد عبر تنفيذ الإصلاحات المتضمنة في القانون المالي المتعلق بقوانين المالية، وكذا نظام الصفقات العمومية، من منظور تحسين الرقابة على الطلبية العمومية.
وقالت النقابة إن ولد الغزواني أشفع برنامجه الانتخابي بكلمته إثر إشرافه المباشر على حفل تخرج دفعة 2022 من المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء، والتي شملت ما يزيد على مائتي (200) وحدة من التلاميذ الموظفين لصالح القطاع المالي، لضخ دماء جديدة في الوزارة لتكريس تمهين القطاع ومده بأطر على درجة عالية من الكفاءة والنزاهة، متشبعين بروح التضحية وخدمة المواطن في إدارة فعالة وذات مصداقية.