الراصد : اختتم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مساء أمس الجمعة، فعاليات القمة العربية الثانية والثلاثين المنعقدة في مدينة جدة، وهي القمة التي شهدت حضور الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي والرئيس السوري بشار الأسد، بالإضافة إلى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد.
وكان الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، قد ترأس فعاليات القمة العربية بالنيابة عن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، حيث استقبل القادة المشاركين في القمة، والتقط معهم صورًا تذكارية، قبل أن يفتح أشغال القمة ليتسلم رئاسة السعودية لمجلس جامعة الدول العربية من الجزائر.
وأكد الأمير محمد بن سلمان، في افتتاح القمة، أن الدول العربية ماضية نحو “السلام والخير والتعاون والبناء، بما يحقق مصالح شعوبها، ويصون حقوق أمتها”، قبل أن يشدد على “عدم السماح بأن تتحول منطقتنا إلى ميادين للصراعات”.
وأضاف ولي العهد السعودي في خطابه: “نؤكد لدول الجوار، وللأصدقاء في الغرب والشرق، أننا ماضون للسلام والخير والتعاون و البناء، بما يحقق مصالح شعوبنا، ويصون حقوق أمتنا، وأننا لن نسمح بأن تتحول منطقتنا إلى ميادين للصراعات، ويكفينا مع طي صفحة الماضي، تذكر سنوات مؤلمة من الصراعات عاشتها المنطقة، وعانت منها شعوبها وتعثرت بسببها مسيرة التنمية”.
وقال ولي العهد السعودي إن “وطننا العربي يملك من المقومات الحضارية والثقافية، والموارد البشرية والطبيعية، ما يؤهله لتبوء مكانة متقدمة وقيادية، وتحقيق نهضة شاملة لدولنا وشعوبنا في جميع المجالات”.
وعبر ولي العهد السعودي عن أمله في أن يسهم قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية في “دعم استقرار سوريا، وعودة الأمور إلى طبيعتها، واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي، بما يحقق الخير لشعبها، وبما يدعم تطلعنا جميعاً نحو مستقبل أفضل لمنطقتنا”.
وقال ولي العهد السعودي إن “القضية الفلسطينية كانت وما زالت هي قضية العرب والمسلمين المحورية”، قبل أن يؤكد أنها “تأتي على رأس أولويات سياسة المملكة الخارجية، ولم تتوان المملكة، أو تتأخر، في دعم الشعب الفلسطيني الشقيق لاسترجاع أراضيه، واستعادة حقوقه المشروعة، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية، بحدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”.
وأكد الأمير محمد بن سلمان في خطابه أمام القادة العرب: “إن أشقاءكم في المملكة العربية السعودية يكرسون جهودهم في دعم القضايا العربية، كما نعمل على مساعدة الأطراف اليمنية للوصول إلى حل سياسي شامل ينهي الأزمة اليمنية”، وأشار في سياق الحديث عن الأزمة السودانية إلى أهمية أن تكون لغة الحوار هي الأساس للحفاظ على وحدة البلاد وأمن شعبها ومقدراتها.
وأضاف: “في هذا الصدد؛ فإن المملكة العربية السعودية ترحب بتوقيع طرفي النزاع على إعلان جدة، للالتزام بحماية المدنيين وتسهيل العمل الإنساني، ونأمل التركيز خلال هذه المحادثات على وقف فعّال لإطلاق النار”
الأزمة الأوكرانية
ولي العهد السعودي الذي ترأس القمة، قال في سياق حديثه عن الأزمة الروسية – الأوكرانية إن السعودية تؤكد موقفها الداعم لكل ما يسهم في خفض حدتها، وعدم تدهور الأوضاع الإنسانية.
كما عبر عن استعداد الرياض للاستمرار في بذل جهود الوساطة بين البلدين، ودعم جميع الجهود الدولية الرامية إلى حل الأزمة سياسياً، بما يسهم في تحقيق الأمن والسلم.
وكان الرئيس الأوكراني قد وصل إلى جدة من أجل المشاركة في القمة العربية، وألقى كلمة أمام الزعماء العرب، قبل أن يستقبله ولي العهد السعودي، ويجري معه مباحثات على هامش القمة.
وخلال المباحثات أكد ولي العهد السعودي “حرص المملكة ودعمها لجميع الجهود الدولية الرامية لحل الأزمة (الأوكرانية – الروسية) سياسياً، ومواصلتها جهودها للإسهام في تخفيف الآثار الإنسانية الناجمة عنها”، وفق ما نشرت وكالة الأنباء السعودية (رسمية).
وحسب نفس المصدر، فإن الرئيس الأوكراني نوه من جانبه بالدور المحوري للمملكة في منطقة الشرق الأوسط والعالم.
وكان زسيلينسكي في خطابه أمام القمة، قد تقدم بالشكر إلى ولي العهد السعودي، قبل أن يقول: “أتينا هنا من أجل السلام والعدالة، والدعوة إلى مساعدة الشعب الأوكراني”.
وتقدم الرئيس الأوكراني بالشكر أيضًا إلى المملكة العربية السعودية على ما تبذله من جهود فيما يخص إطلاق سراح الأسرى لدى روسيا.
وقال الرئيس الأوكراني إنه يتقدم بالشكر إلى “كل من قرر أن ينضم لمسار العدالة ومن أجل إنهاء الحرب في أوكرانيا”، قبل أن يضيف: “لدينا صيغة حل للسلام لكي ننهي الحرب، يأتي من معادلة مفادها أن أيام الحرب يجب أن تذهب أدراجها للرياح”.
أفريقيا حاضرة
كممثل للقارة الأفريقية كان حاضرًا في فعاليات القمة العربية بمدينة جدة، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد، الذي أكد في خطابه أن القمة “تنعقد في ظرف بالغ الدقة إقليميا وعالميا”.
وأوضح فقي محمد أنه “على الصعيد الدولي تستمر الحرب الروسية الأوكرانية المدمرة للإنسان ولاقتصاديات الدول في أوروبا والعالم أجمع، وعلى الساحة العربية يتواصل العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وتتضاعف الإهانات ضده، كما يطول صمت العالم المريب على هذه التراجيديا المستمرة ضد الشعب الفلسطيني المحروم من حقه في الحرية وتأسيس دولته المستقلة ذات السيادة التامة وعاصمتها القدس الشرقية”.
وأضاف فقي محمد في خطابه أن السودان يشهد هو الآخر “انتهاج العنف كوسيلة للوصول إلى السلطة والمحافظة عليها”، قبل أن مؤكدا أن الاتحاد الأفريقي “جمع طاقاته عام 2019 وساعد السودانيين في التأسيس لمرحلة انتقالية تشاركية متوازية، إلا أن انقلاب 25 أكتوبر 2021، عصف بتلك التجربة المميزة”.
وأكد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي أن الانقلاب “أدى إلى مضاعفة التنافس على السلطة، واللجوء إلى العنف لحل الخلافات بين الشركاء السياسيين والعسكريين”.
وقال في سياق الحديث عن الأزمة في السودان، أن الاتحاد الأفريقي قد “بادر منذ الشرارة الأولى للاقتتال الراهن بالدعوة لتوحيد جهود المنظومة الدولية”، وحذر من أن “بعثرة جهود المنظومة الدولية قد تكون من مسببات إطالة الصراع في السودان”.
ثلاثون قضية
تنوعت القرارات التي تضمنها البيان الختامي للقمة العربية المنعقدة في جدة، والتي تجاوز عددها 30 قضية ترتبط بقضايا العالم العربي، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وأزمة سوريا ولبنان، بالإضافة إلى الملف الإيراني، وقضايا أخرى منها تغير المناخ والأمن السيبراني، وملفات اقتصادية واجتماعية عديدة.
وفيما يتعلق بالوضع في سوريا، بعد حضور الرئيس بشار الأسد القمة العربية، فقد شدد القادة العرب على “تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها، وتكثيف الجهود لمساعدتها على الخروج من أزمتها، وإنهاء معاناة الشعب السوري”.
كما أكد القادة العرب تضامنهم الكامل مع السودان للحفاظ على “سيادة واستقلال البلاد ووحدة أراضيها، ورفض التدخل في شؤونه الداخلية باعتبار الأزمة شأناً داخلياً، والحفاظ على المؤسسات”.
ورحب القادة العرب بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين المملكة العربية السعودية وإيران في بكين، الذي يتضمن استئناف العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح بعثاتهما، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين.
من جهة أخرى، دان القادة العرب توغل القوات التركية في الأراضي العراقية، وطلبوا من الحكومة التركية سحب قواتها دون شروط.
كما دانوا بشدة كل أشكال العمليات الإجرامية التي شنتها المنظمات الإرهابية في الدول العربية والعالم، ودعت الدول العربية التي لم تصادق على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، إلى التصديق عليها.