الراصد.نت: الهجوم" الذي استهدف مركز أشغال تابع لأحد فروع شركة "اسنيم" الوطنية في مالي، يرسل رسائل عديدة إلى موريتانيا و إلى الدول المتدخلة في الوضع المالي.
و من أخطر تلك الرسائل أن موريتانيا باتت الآن في نظر المجموعات الإرهابية تمثل رأس الحربة ضد الإرهاب في المنطقة.
إن الدور الذي يراد لموريتانيا أن تلعبه مستقبلا في الحرب على الإرهاب، بعد الفراغات و التخلخل الذي أحدثه موت الرئيس التشادي إدريس ديبي إلى جانب التغيير التكتيكي للقوات الفرنسية في منطقة الساحل، و ما يعنيه تواجد آلاف المقاتلين الإرهابيين في ليبيا، مؤشرات تؤكد حتمية الصدام بين هذه المجمواعات المقاتلة و الحكومة الموريتانية.
و أغلب الظن أن السلطات الموريتانية كانت تتوقع منذ فترة هجوما مّا ، و يأتي استهداف مرفق اقتصادي موريتاني في دولة مالي المجاورة ليحدد بوصلة و طبيعة الأهداف التي خططت لها المجموعة التي نفذت الهجوم.
و التي يبدو منها أن تفكير الإرهابيين كان يتجه لاستهداف المنشآت الإقتصادية للبلاد.
و هذا ما يزكي وجاهة الإجراءات المتسارعة التي اتخذتها السلطات في الماضي و اتفاقيات التنسيق الأمني مع دول الجوار و التي جرى إحياؤها مؤخرا مع المغرب و السنغال، على الأرجح استباقا لأي طارئ أمني محتمل في شبه المنطقة.
إن وقائع الهجوم الأخير تشير إلى بصمة المجموعات الإرهابية، التي باتت محصورة بعيدا عن بلادنا في مناطق داخل العمق المالي، بعد الإستراتيجية الفعالة التي اعتمدها الجيش الموريتاني في السنوات القليلة الماضية بضبط الحدود و تحديدا بعد إقامة مناطق عسكرية مغلقة للحد من تسرب الإرهابيين إلى داخل البلاد.
لكن المشكلة في ظل وضع سياسي و أمني محلي و إقليمي، مضطرب، لا تكمن في تفكيك الرسائل التي أراد الإرهابيون توصيلها إلى الحكومة و الرأي العام الوطني، بل في إيجاد مقاربة أو بالأصح تفعيل المقاربة الامنية الوطنية لمحاربة الإرهاب.
و هل الدولة مستعدة لتحمل مسؤولياتها في إبطال سلاح الإرهاب الناعم المتمثل في حواضنه المبثوثة في مجتمعنا و "خلاياه النائمة" التي تتوارى خلف عناوين الدولة و بعض الأحزاب السياسية ؟
المطلوب الآن، ليس قراءة الحدث منعزلا عن أسبابه و هي أسباب معروفة يغذيها خطاب متزمت يحتكر الحق باسم الدين و يساهم في نشر الغلو و التطرف.
المطلوب اليوم من السلطات الموريتانية، هو قرار جرئ و شجاع لدفع القوى التي تروج تحت غطاء "الإسلام" خطابا يحض على الإرهاب، إلى الإختيار بين الإندماج قولا و فعلا ، فكرا و ممارسة تحت مظلة الوطن و الدولة الجامعة مثل الآخرين، أو إعلان هذه القوى بوضوح لا لبس فيه أنها مع أعداء الدولة و الوطن.
يتواصل ...