بنشاب : انقلاب 8يونيو الفاشل، سيظل لغزا طالما بقيت تفاصيل لحظاته الحاسمة حبيسة التخمينات و الرويات المبتورة التي ظل يرددها علينا "الهاربون" من ساحة المنازلة فرارا بحياتهم من جحيم الموت أو الإعتقال
كيف اجتاز "الهاربون" الحدود و تركوا خلفهم عشرات الجنود و صف الضباط الصغار يواجهون مصيرهم المجهول بعدما ورطوهم في مواجهة فقدنا فيها قائد أركان الجيش و بعض المواطنين الأبرياء الذين لا تسقط جريمة قتلهم بالتقادم.
عندما يكتب ولد شيخنا عن "الإنقلاب" ـ و أنا لم أقرأ جميع ما كتب ـ فإنني استغرب كيف يجيّر "انقلابا فاشلا" بما انجر عنه من انقسام داخل نسيج المجتمع الذي استيقظ ذلك اليوم على دوي المدافع و هم يوهمون الشعب بقيام انقلاب سيحوله الإخوان المسلمون بطريقتهم إلى مؤامرة لإسقاط الوطن بالسلاح والدم.
و كيف فر قادة الإنقلاب ـ و منهم ضباط غرر بهم في هذه المؤامرة المعقدة ـ ثم تلقتهم الدولة بعد انقلاب المجلس العسكري بالورود ـ ربما تقديرا من القادة الجدد لأهمية رأب الصدع الذي أصاب المؤسسة العسكرية في مقتل و درءا لأخطار الإرهاب المتربص حينها بالبلاد.
فمن السذاجة أن يصدق الإنسان، أن الفشل يقود إلى النجاح، بل لو صدق الضابط السابق محمد ولد شيخنا مع نفسه، و أنا كنت الصحافي الأول الذي التقاه بعد عودته إلى منزله بكارفور، و حضرت لقاءه بولد الشافعي و بعض رفاقه؛ لقال إن فشل انقلاب 8يونيو 2003، كان هدية من السماء لهذا الشعب الطيب رغم الدماء التي سالت و كشفت أسرار المغامرة لضابطين، أحدهما كان متعطشا للحكم بأي ثمن و الآخر ينفذ أوامر حركة التمكين مستغلا مكانته الإجتماعية.
معول الهدم لا يبني، و الضباط الجمهوريون يصطفون مع الشعب لا مع الأحزاب و الجماعات المسلحة.
و أي رواية لتلك الأحداث، تروج لأحلام كانت و لا تزال تراود شخصكم الكريم، دون ربطها بأصلها و أبعادها التفصيلية الغير مسموح بذكرها لأسباب حزبية و تنظيمية، تظل روايات للإستهلاكـ الإعلامي.
كيف نبني وطنا على دماء قائد أركان للجيش، استشهد في مكتبه و هو يؤدي واجبه الوطني، و من يعوض عوائل الجنود و المواطنين الذين فقدوا حياتهم في ذلك اليوم ة في حضن وطنك الذي تبشر به ؟
و أخير.. أتعجب منكـ حين تتذكر اليوم، انقلاب 8يونيو بعد 18سنة من الصمت المطبق، بحبور لأنكـ و بعض جماعتكم، قطف ثمن تلكـ المغامرة ، في شكل مناصب عليا في الدولة دون متابعة قضائية على جرم مشهود، و كيف نسي الجميع ضحايا 8يونيو؟
و أجزم أنك لو لم تكن وقتها في موقع رفيع بالمؤسسة العسكرية لما جازفت بالمشاركة في تلك المحاولة الإنقلابية.