نتابع ما كتبته المديرة التنفيذية لليونيسكو هانرييتا..حول فرص لأطفال العالم و اليوم نأخذ الفرصة الثالثة :
3- وجّهت جائحة كوفيد-19 الانتباه للصحة العقلية لشباب العالم
إن «تووليكا» على حق: فالصحة العقلية هي أمر مهم — وبأهمية الصحة البدنية. وهذا ينطبق بصفة خاصة في مرحلتي الطفولة والمراهقة، عندما تتوطد الأسس لقدراتنا الإدراكية والتعليمية ولذكائنا العاطفي وقدراتنا على التحمل في مواجهة الضغوطات، على مدى الحياة.
ومن جديد، فقد سلّطت الجائحة الضوء على مدى ضعف الأطفال واليافعين.
لقد قَلبتْ جائحة كوفيد-19 حياة الأطفال في كل مكان رأساً على عقب، إذ عطّلت أنماط الحياة المألوفة والمريحة من قبيل الذهاب إلى المدرسة واللعب خارج المنزل. أما اليافعون، فقد حرمتهم الجائحة من التواصل الاجتماعي والتفاعل مع أقرانهم، وهو أمر مهم في هذه المرحلة من الحياة. وبالنسبة للأطفال المتأثرين بصدمة العنف أو الإهمال أو الإساءات ضمن الأسرة، فقد أدى الإغلاق العام إلى انقطاع السبل أمام العديد من الأطفال إذ علِقوا مع الأفراد المسيئين خلف أبواب موصدة، ودون أن يحصلوا على الدعم الذي يجدونه في الأحوال العادية في مدارسهم أو من عائلاتهم الممتدة أو مجتمعاتهم المحلية. كما أدت جائحة كوفيد-19 إلى تعطيل أو إيقاف خدمات حيوية للصحة العقلية في 93 بالمئة من البلدان في العالم.
وقد أضافت هذه التأثيرات إلى جسامة الخسائر المثيرة للقلق أصلاً. وكنت قد كتبتُ في رسالتي السابقة عن تزايد اضطرابات الصحة العقلية بين الأطفال دون سن الثامنة عشرة — وهي مرحلة حرجة في نماء اليافعين. ويتطور نصف الاضطرابات العقلية قبل سن الخامسة عشرة، و 75 بالمئة منها بحلول السنوات المبكرة من مرحلة البلوغ. ويشكّل اليافعون غالبية الأشخاص الذين يتوفون من جراء الانتحار، والبالغ مجموعهم 800,000 شخص سنوياً، كما أن إيذاء الذات هو ثاني أكبر سبب من أسباب الوفاة بين الفتيات من الفئة العمرية 15 إلى 19 عاماً.
ومن المؤسف أن العديد من الأطفال واليافعين لا يسعون للحصول على مساعدة بسبب الوصم والتمييز المرتبطَين بالإساءات وبالاضطرابات في الصحة العقلية. كما تعاني خدمات الصحة العقلية من نقص التمويل في كل مكان تقريباً، ويجب على الحكومات أن تفعل المزيد في هذا المجال. ويُخصَّص أقل من 1 بالمئة من ميزانية الصحة في البلدان المنخفضة الدخل لخدمات الصحة العقلية.
ولكن بينما يواجه الأطفال واليافعون تحديات كبيرة لصحتهم العقلية، توفر هذه الجائحة أيضاً فرصة للتحدث عن الصحة العقلية بين الأطفال واليافعين والتعلّم عن هذا الأمر.
ما ينبغي القيام به:
يطالب اليافعون من قبيل «تووليكا» بالدعم، ويجب أن نستمع إلى شواغلهم.
وثمة حكومات تستمع إلى هذه الشواغل. ففي بنغلاديش وجورجيا والهند، توفر خطوط المساعدة الهاتفية المجانية رعاية حاسمة الأهمية لدعم الأطفال. وقد تلقّى خط المساعدة الهاتفي المخصص للأطفال في الهند أكثر من 92,000 مكالمة من أطفال يطلبون الحماية من الإساءات والعنف في الأيام الـ 11 الأولى من الإغلاق العام الناجم عن كوفيد-19، أي بزيادة قدرها 50 بالمئة.
وفي كازاخستان، التي تعاني من أحد أعلى معدلات الانتحار بين المراهقين في العالم، أطلقت اليونيسف منصة في نيسان / أبريل 2020 لتوفير خدمات استشارات نفسية فردية للمراهقين إضافة إلى توفير التدريب والتعليم للمختصين بالصحة العقلية للتعامل مع حالات القلق والتوتر التي نشأت عن جائحة كوفيد-19. وقد تم تدريب أكثر من 5,000 مرشد نفسي ومختص بالصحة العقلية خلال ثلاثة أشهر فقط. وثمة برامج أخرى في البلد تشجع الأنشطة التي تبني الترابط الاجتماعي بين المراهقين عبر جماعات دعم الأقران والمناقشات مع الوالدين، وإحداث تغيير من حالة الوصم المرتبطة بالصحة العقلية إلى توفير الفهم والرعاية، وفي الوقت نفسه زيادة خدمات الاستشارات والدعم.
وبالمثل، ثمة منظمات في جميع أنحاء العالم تعمل مع اليافعين لإضفاء صفة العادية على سعي المرء للحصول على مساعدة بشأن الصحة العقلية، وذلك من خلال حملات وتدخلات ثبت نجاحها. فعلى سبيل المثال، تعمل منظمة ’وقت التغيير‘ Time to Change على إنهاء التمييز المرتبط بالصحة العقلية في المملكة المتحدة من خلال العمل مع المعلمين وإدارات المدارس والطلاب لفتح حوارات والتعامل مع الوصم وتقديم الدعم لليافعين.
علينا أن نقوم بالمزيد: يجب على البلدان أن تخصص لهذه القضية ما تستحقه من استثمار، وأن توسّع خدمات الصحة العقلية والدعم توسيعاً كبيراً لليافعين في المجتمعات المحلية والمدارس، وأن تبني على برامج تنشئة الأطفال لضمان حصول الأطفال من الأسر المستضعفة على ما يحتاجونه من دعم وحماية في المنزل